سيرة قداسة البابا كيرلس السادس

طفولته اسمه عازر، ولد ببلدة طوخ النصارى بدمنهور في الجمعة 8 اغسطس سنة 1902، ووالده هو يوسف عطا المحب للكنيسة وناسخ كتبها ومنقحها المتفانى في خدمة أمه الأرثوذكسية حريصاً على حِفظ تراثها.ابتدأ عازر منذ الطفولة المبكرة حبه للكهنوت ورجال الكهنوت فكان ينام على حجر الرهبان.. فكان من نصيبهم ولا سيما وأن بلدة طوخ هذه كانت وقفٌ على دير البراموس في ذلك الوقت ولذلك اعتاد الرهبان زيارة منزل والده لِما عُرِفَ عنه من حُب وتضلع في طقوس الكنيسة.بدأ حياة فضلى تشتاق نفوسنا لها متشبها بجيش شهدائنا الأقباط وآباء كنيستنا حماة الايمان الذين ارسوا مبادىء الايمان المسيحى للعالم أجمع المبنية على دراستهم العميقة في الكتاب المقدس فكان عازر مفلحا في جميع طرقه والرب معه؛ لأنه بِِقَدر ما كان ينجح روحياً كان ينجح علمياً. إذ بعد أن حصل على البكالوريا، عمل في إحدى شركات الملاحة بالاسكندرية واسمها "كوك شيبينــــــج" سنة 1921 فكان مثال للأمانة والإخلاص ولم يعطله عمله عن دراسة الكتب المقدسة والطقسية والتفاسير والقوانين الكنسيّة تحت إرشاد بعض الكهنة الغيورين.ظل هكذا خمس سنوات يعمل ويجاهد في حياة نسكية كاملة، فعاش راهبً زاهداً في بيته وفي عمله دون أن يشعر به احد، فكان ينام على الأرض بجوار فراشه ويترك طعامه مكتفياً بكسرة صغيرة وقليلاً من الملح
إنطلاق للبريةاشتاقت نفسه التواقة للعشرة الإلهية الدائمة؛ للانطلاق إلى الصحراء والتواجد فيها، وبالرغم من مقاومة أخيه الأكبر فقد ساعده الأنبا يوأنس البطريرك الـ113، وطلب قبوله في سلك الرهبنة في دير البرموس بوادي النطرون، بعد أن قدم استقالته من العمل في يوليو سنة 1927 (تلك التى صدمت صاحب الشركة الذي حاول استبقاءه برفع مرتبه إغراءً منه، ولكن عازر كان قد وضع يده على المحراث ولم يحاول أن ينظر الى الوراء). فأوفد البابا معه راهبا فاضلاً؛ وهو القس بشارة البرموسى (الأنبا مرقس مطران أبو تيج) فأصطحبه إلى الدير وعند وصولهم فوجئوا باضاءة الأنوار ودق الأجراس وفتح قصر الضيافة وخروج الرهبان وعلى رأسهم القمص شنوده البرموسي، أمين الدير لاستقباله، ظناً منهم أنه زائر كبير! وعندما تحققوا الأمر قبلوه على أول درجه في سلك الرهبنة فوراً مستبشرين بمقدمه، إذ لم يسبق أن قوبل راهب في تاريخ الدير بمثل هذه الحفاوة واعتبرت هذه الحادثة نبوة لتقدمه في سلك الرهبنة وتبوئه مركزاً سامياً في الكنيسة.تتلمذ للأبوين الروحيين القمص عبد المسيح صليب والقمص يعقوب الصامت، أولئك الذين كان الدير عامراً بهم في ذلك الوقت، وعكف على حياة الصلاة والنسك. ولم تمض سنة واحدة على مدة الاختبار حتى تمت رسامته راهباً في كنيسة السيدة العذراء في الدير، فكان ساجداً أمام الهيكل وعن يمينه جسد الانبا موسى الاسود وعن يساره جسد القديس إيسيذوروس. ودعى بـالراهب مينا وذلك في السبت 17 أمشير سنة 1644 الموافق 25 فبراير سنـــــــة 1928. وسمع هذا الدعاء من فم معلمه القمص يعقوب الصامت قائلاً "سِر على بركة الله بهذه الروح الوديع الهادىء وهذا التواضع والانسحاق، وسيقيمك الله أميناً على أسراره المقدسة، وروحه القدوس يرشدك ويعلمك".فازداد شوقاً في دراسة كتب الآباء وسير الشهداء، وأكثر ما كان يحب أن يقرأ هو كتابات مار إسحق فاتخذ كثيراً من كتاباته شعارات لنفسه مثل "ازهد في الدنيا يحبك الله"، و"من عدا وراء الكرامة هربت منه، ومن هرب منها تبعته وأرشدت عليه". مما جعله يزداد بالأكثر نمواً في حياة الفضيلة ترسماً على خطوات آباءه القديسين وتمثلاً بهم. وإلتحق بالمدرسة اللاهوتية كباقي إخوته الرهبان، فرسمه الأنبا يؤانس قساً في يوليو سنــــــة 1931، وهكذا اهٌله الله أن يقف أمامه على مذبحـــه المقدس لأول مرة في كنيسة أولاد الملوك مكسيموس ودوماديوس بالدير، كل ذلك قبل أن يتم ثلاث سنوات في الدير. فكان قلبه الملتهب حباً لخالقه يزداد إلتهاباً يوماً بعد يوم، لا سيما بعد رسامته وحمله الأسرار الإلهية بين يديه
تَوَحُّده
اشتاقت نفسه إلى الإنفراد في البرية والتوحد فيها، فقصد مغارة القمص صرابامون المتوحد الذى عاصره مدة وجيزة متتلمذاً على يديه، فكان نعم الخادم الأمين. ثم توجه إلى الأنبا يؤنس البطريرك وطلب منه السماح له بالتوحد في الدير الأبيض وتعميره إن أمكن، وفعلا مضى إلى هناك وقضى فيه فترة قصيرة، ثم أقام فترة من الوقت في مغارة القمص عبد المسيح الحبشي، فكان يحمل على كتفه صفيحة الماء وكوز العدس إسبوعياً من دير البرموس إلى مغارته العميقة في الصحراء حتى تركت علامة في كتفه الى يوم نياحته.زاره البطريرك الانبا يؤنس عام 1934 وأعجب بعلمه وروحانيته وغيرته، وشهد بتقواه مؤملاً خيراً كبيراً للكنيسة على يديه.
شهادته للحقحدث أن غضب رئيس الدير على سبعة من الرهبان وأمر بطردهم فلما بلغ الراهب المتوحد هذا الامر أسرع اليه مستنكراً ما حدث منه، ثم خرج مع المطرودين وتطوع لخدمتهم وتخفيف ألمهم النفسي، ثم توجه معهم إلى المقر البابوي وعندما إستطلع البابا يوأنس البطريرك الأمر أمر بعودتهم إلى ديرهم وأثنى على القديس المتوحد.إلا أن قديسنا إستأذن غبطته في أمر إعادة تعمير دير مارمينا القديم بصحراء مريوط، ولكن إذ لم يحصل على الموافقة توجه إلى الجبل المقطم في مصر القديمة - الذي نقل بقوة الصوم والصلاة - وإستأجر هناك طاحونة من الحكومة مقابل ستة قروش سنوياً وأقام فيها مستمتعاً بعشرة إلهية قوية وذلك في الثلاثاء 23 يونيو عام 1936. حقا لقد أحب القديس سكنى الجبال كما أحبها آباؤه القديسين من قبل الذين وصفهم الكتاب المقدس بأن "العالم لم يكن مستحقا لهم لأنهم عاشوا تائهين في براري وجبال ومغايـــــر وشقـــوق الأرض" (عب 38:11). "لعظم محبتهم في الملك المسيح" (القداس الإلهي).وهناك إنصهرت حياته من كثرة الصوم والصلاة والسهر حتى تحولت إلى منار ثم إلى مزار بعد أن فاحت رائحة المسيح الزكية منه وتم القول الإلهي لا يمكن أن تخفى مدينة كائنة على جبل
إيمانه بشفاعة القديسين
حدث أن داهمه اللصوص مرة في قلايته التي بناها بنفسه في الكنيسة الصغيرة داخل الطاحونة ظناً منهم أنه يختزن ثروة كبيرة واعتدوا عليه بأن ضربوه ضربة قاسية على رأسه، ثم فروا هاربين بعدما تحققوا أنه لا يملك شيئا سوى قطعة الخيش الخشنة التي ينام عليها وبعض الكتب. أما القديس فأخذ يزحف على الأرض لأن رأسه أخذت تنزف نزفاً شديداً حتى وصل إلى أيقونة شفيعه مارمينا العجايبي وصلى أسفلها وهو في شبه غيبوبة وفي الحال توقف النزيف وقام معافى. على أن علامة الضرب هذه في جبهته لم تزل موجودة إلى يوم إنطلاقه إلى الأمجاد السماوية إلا أنه لم يبق في هذا المكان الذي تقدس بالصلوات المرفوعة والذبيحة الإلهية المقدمة يوميا طويلاً إذ أثناء الحرب العالمية الثانية. وفي الثلاثاء 28 أكتوبر عـــام 1941 ظنه الإنجليز المحتلون أنه جاسوساً وطلبوا إليه مغادرة المكان فخرج متوجها إلى بابلون الدرج وأقام في فرن بكنيسة السيدة العذراء.عاش في العالم وهو ليس من العالم تعلق بالسماويات وزهد بالأرضيات، عرف معنى الغربة التي قالها مخلصنا فلم يعز عليه مكان مهما تعب فيه وعمل بيديه وسهر.لأنه كان يحس تماماً أنه ليس له ههنا مدينة باقية وإنما يطلب العقيدة، فشابه معلمه الذي لم يكن له أين يسند رأسه.ولذياع صيته وتقواه كان الكثيرون على مختلف طوائفهم ومللهم يسعون إليه للتبرك منه وطلب صلواته0 فقام بطبع كارت خاص به عليه (بسم الله القوي) باللغتين القبطية والعربية، ثم إحدى الآيات التي كان يعيشها القديس ويحياها مثل (ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه)، أو (ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه) أو غيرها من الآيات المُحببة إليه وكان يوزعها على زائريه كما أصدر مجلة بسيطة شهرية أطلق عليها اسم "ميناء الخلاص".وفي عام 1944 أسندت إليه رئاسة دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون بمغاغة. وسرعان ما إلتف الشباب المتحمس الذين إستهوتهم الحياة الرهبانية حوله، الذين زهدوا في مجد العالم وزيفه وقصدوا، إليه فاحتضنهم بأبوة صادقة وفتح لهم قلبه، فوجدوا في رحابه ورعايته ما أشبع نفوسهم الجوعى وروى ظمأ قلوبهم، وتتلمذ العديد على يديه فترعرع الدير وإزدهر، وسرعان أيضا ما أقام لهم المباني وبنى أسواره المتهدمة بفضل تشجيع الغيورين الذين الذين تسابقوا على رصد أموالهم وقفا للدير وفي وقت قصير تمكن من تدشين كنيسة الدير ببلدة الزورة (التابعة الآن لمركز مغاغة محافظة المنيا).وعلى أثر ذلك منحه المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف في ذلك الوقت رتبة الأيغومانوس (القمصية) الذي قال يومها "اشكر إلهي الذي خلق من الضعف قوة كملت به نعمته في الإبن المبارك القمص مينا وأتم هذا العمل العظيم".ولكن كما هو معروف عن قديسنا الحبيب أنه كثير التعلق بشفيعه مارمينا وقد رأينا كم حاول أن ينفرد في بريته بصحراء مريوط ولم يتسنى له فصمم على بناء ولو كنيسة صغيرة باسم شفيعه العجايبي يعيش فيها إلى أن يكمل غربته بسلام، وبالفعل قد أعانه الرب وهناك في مصر القديمة من المنح والهبات والهدايا المتواضعة التي كان يتلقاها من أفراد الشعب الذين عرفوا طريقه والذين كانوا يقصدونه طالبين الصلاة للشفاء من العلل وغيرها، إستطاع ببركة ربنا يسوع أن يبني له قلاية وكنيسة باسم حبيبه مارمينـــا وذلــك سنــــة 1949. ثم توسع في البناء فأقام داراً للضيافة كان يستقبل فيها الشباب الجامعي المغترب ليقيم فيها مقابل قروش زهيدة. فكانت لهذه النواة بركة كبيرة، لأن اولئك الشباب سعدوا بالعشرة الإلهية لأن هذا المكان الطاهر لم يقهم وحسب من أجواء العالم الصاخب، ولكن أضفى عليهم روحانية عميقة حتى خرج الكثيرون من هذا المكان المتواضع ليسوا حاملين للشهادات العلمية من جامعاتهم ولكن فوق ذلك كله رهباناً أتقياء، تدربوا على حياة الفضيلة والزهد وحياة الصلاة الدائمة والسهر، حيث كانوا يشاهدون معلمهم يستيقظ كل يوم مع منتصف الليل ليبدأ الصلاة وقراءة فصول الكتاب على ضوء مصباح صغير داخل حجرته المتواضعة. وقبل أن يطرق الفجر أبوابه إعتاد أن يغادر صومعته ويتجه نحو فرن الكنيسة ومن دقيق النذور يبدأ عمل القربان ويشمر عن ساعديه ويعجن العجين، ثم يقطعه أحجاما متساوية ويختمه ويضعه في فرن هادئ ويظل يعمل ويتلوا المزامير حتى يفرغ منه وعرقه يتصبب ثم يتوجه إلى الكنيسة ليتلوا صلوات التسبحة ثم يقدس الأسرار الإلهية ويعود إلي مكتبته وقلايته وخدمته0 فكانت حاجاته وحاجات الذين معه تخدمها يداه الطاهرتان، يغسل ثيابه لنفسه ويطبخ ويخدم الجميع. على أن حجرته هذه باقية كما هي للآن : السرير البسيط، المكتبة، الملابس الخشنة التي كان يرتديها كل شئ كما هو قبل رسامته إلى لآن.وقد قام غبطته برسامة أخيه الأكبر قمصاً على هذه الكنيسة باسم القمص ميخائيل يوسف ليشرف على هذا المكان الطاهر، ويواصل عمل القداسات وتلاوة الصلوات فيه حيث تقدس هذا البيت كما يقول الرب "وقدست هذا البيت الذي بنيته لأجل وضع إسمي فيه إلى الأبد وتكون عيناي وقلبي هناك كل الأيام" (مل 3:9). كما كان يحلوا له وهو بطريرك أن يتوجه إليه ليخلوا قليلا "ليملأ البطارية" أي ليأخذ شحنة روحية على حد تعبيره.
إختياره للباباوية
"وأعطيكم رعاة حسب قلبي فيرعونكم بالمعرفة والفهم" (إر 10:3). إن إختيار قداسة البابا لم يكن بعمل إنسان ولكن المختار من الله لكنيتنا القبطية وقصة تبوأه كرسيه الرسولي تدعو إلى العجب وإلى تمجيد إسم الرب يسوع الذي ينزل الأعزاء عن الكراسي ويرفع المتضعين.كان ترتيبه بين المرشحين السادس، وكان على لجنة الترشيح حسب لائحة السبـــت 2 نو?مبـــر 1957 أن تقدم الخمسة رهبان المرشحين الأوائل للشعب0 وفي اللحظة الأخيرة للتقدم بالخمسة الأوائل، أجمع الرأي على تنحي الخامس، وتقدم السادس ليصبح الخامس. ثم أجريت عملية الاختيار للشعب لثلاثة منهم فكان آخرهم ترتيبا في أصوات المنتخبين وبقى إجراء القرعة الهيكلية في الأحد 19 إبريل 1959 ولم يخطر ببال أحد أن يكون إنجيل القداس في ذلك اليوم يتنبأ عنه إذ يقول هكذا "يكون الآخرون أولين والأولون يصيرون آخرين" وكانت هذه هي نتيجة القرعة.ودقت أجراس الكنائس معلنة فرحة السماء وأتوا بالقمص مينا البرموسي المتوحد ليكون البابا كيرلس السادس بابا الأسكندرية المائة والسادس عشر من خلفاء مارمرقس الرسول. وعند ذاك أيقن الشعب أن عناية الله تدخلت في الإنتخاب ومن الطريف أن يكون عيد جلوسه يلحق عيد صاحب الكرسي مارمرقس الكاروز، يتوسط بينهما عيد أم المخلص - كما إعتاد أن يدعوها غبطته - وكتبت تقاليد رئاسة الكهنوت على ورقة مصقولة طولها متر وعرضها 7 سنتيمترات.وقد سأله وقتئذ أحد الصحفيين عن مشروعاته المستقبلية، فكانت إجابته "لم أتعود أن أقول ماذا سأفعل ولكن كما رأى الشعب بناء كنيسة مارمينا بمصر القديمة وكان البناء يرتفع قليلا قليلا هكذا سيرون مشروعات الكنيسة".لقد كان أمينا في القليل فلا عجب أن إئتمنه الروح القدس على الكثير، ومنذ ذلك الإختيار الإلهي والبابا كيرلس هو الراهب الناسك المدبر باجتهاد.
باباويته
ميز عهد قداسته بانتعاش الإيمان ونمو القيم الروحية ولا شك أن ذلك راجع لان غبطته إنما وضع في قلبه أن يقدس ذاته من أجلهم - أي من أجل رعيته - على مثال معلمه الذي قال: "لأجلهم أقدس أنا ذاتي". فحياته هو والراهب مينا كانت هي وهو البابا كيرلس في ملبسه الخشن وشاله المعروف وحتى منديله السميك ومأكله البسيط فلم يكن يأكل إلا مرتين في اليوم الأولى الساعة الثانية والنصف ظهرا والثانية الساعة التاسعة مساءاً، وفي الأصوام مرة واحدة بعد قداسه الحبري الذي ينتهي بعد الساعة الخامسة مساءاً وفي سهره وصلواته كذلك فكان يصحوا من نومه قبل الساعة الرابعة من فجر كل يوم ليؤدي صلوات التسبحة ويقيم قداس الصباح وبعدها يستقبل أولاده.. وهكذا يقضي نهار يومه في خدمة شعبه وفي الوحدة حبيس قلايته في التأمل في الأسفار الإلهية.. لا يعرف ساعة للراحة حتى يحين ميعاد صلاة العشية فيتجه إلى الكنيسة تتبعه الجموع في حب وخشوع.فعلا كان مثال الراعي الصالح للتعليم لا بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق والقدوة الصالحة. إنه عينة حقيقية من كنيسة أجدادنا القديسين كنيسة الصلاة وتقديس الذات أكثر منها كنيسة المنابر والوعظ الكثير...فهو رجل الصلاة نعم إنه رجل الصلاة الذي أدرك ما في الصلاة من قوة فعالة فكانت سلاحه البتّار الذي بواستطها استطاع أن يتغلب على أعضل المشكلات التي كانت تقابله.وفوق ذلك فقد حباه الله موهبة الدموع التي كانت تنهمر من مآقيه طالما كان مصليا وموهبة الدموع هذه لا تُعطى إلا لِمُنْسَحِقي القلوب، فكان يسكب نفسه انسكابا أمام الله ويذوب في حضرته، فإذا ما كنت معه مصليا أحسست أنك في السماء وفي شركة عميقة مع الله.كثيرا ما كان يزور الكنائس المختلفة فجر أي يوم حيث يفاجئهم ويرى العاملين منهم والخاملين في كرم الرب فكان معلما صامتا مقدماً نفسه في كل شئ قدوة مقدما في التعليم نقاوة ووقاراً وإخلاصاً.وهذه الحياة المقدسة وهذه الروحانية العالية التي لأبينا البار فقد ألهبت قلوب الرعاة والرعية فحذوا حذوه وفتحت الكنائس وأقيمت الصلوات وإمتلأت البيع بالعابدين المصلين بالروح والحق. وأحب الشعب باباه من كل قلبه وأصبح كل فرد يشعر بأنه ليس مجرد عضو في الكنيسة بل من خاصته. وأصبحنا نرى في حضرته مريضا يقصده لنوال نعمة الشفاء، مكروبا وشاكيا حاله طالِباً للصلاة من أجله ليخفف الرب كربه. وقد وهبه الله نعمة الشفافية الروحية العجيبة فكثيراً ما كان يجيب صاحب الطلب بما يريد أن يحدثه عنه ويطمئنه أو ينصحه بما يجب أن يفعله في أسلوب وديع، حتى يقف صاحب الطلب مبهوتاً شاعراً برهبة أمام رجل الله كاشف الأسرار.وهكذا يفتح بابه يومياً لإستقبال أبناءه فقيرهم قبل غنيّهم، صغيرهم قبل كبيرهم ويخرج الجميع من عنده والبهجة تشع من وجوههم شاكرين تغمرهم راحة نفسية لما يلمسونه من غبطته من طول أناه وسعة صدر تثير فيهم عاطفة الأبوة الحقيقية الصادقة.

لماذا دعوناه قديساً ؟

لماذا دعوناه قديساً ؟

الكلمة صار جسداً لكى يقدم جسده من أجل الجميع ألأنبا أثناسيوس الرسولى


إن مقياس عظمة المسيحى طبقاً لمقاييس المسيحية هو مدى علاقتة مع الرب يسوع وتطابق حياته مع حياة الرب يسوع , فالرب يسوع كلمة الرب قدم نفسه لأجل أحبائه , إذا الموضوع كله محدود فى ليرى الناس نوركم أى محبتكم وخدمتكم وتضحيتكم فنحن ملح الأرض خلقنا الرب لمجد أسمه فكيف نمجد أسمه إذا إن لم تكن حياتنا كلها فى خدمته .

أى أننا دعونا البابا كيرلس قديساً لأنه :-

أولاً : فى علاقته مع الرب يسوع صار فى درجة عالية من الروحانية ..


وثانياً : لأنه وضع حياته لخدمة شعب الرب

تعبده وتقشفة

سماه أبويه عازر وسمته الكنيسة أبونا مينا عندما رسم كاهنا وسمته البابا كيرلس السادس رئيس آباء الكنيسة القبطية , أنه شخصية واحده وأنساناً واحداً بالرغم من إختلاف الإسم الذى أطلقة عليه أهل البشر فلم يرتفع قلبه وأتضع متكلاً على الرب لم يصنع مجداً لذاته ولكن للرب يسوع صنع مجداً , هو المتعبد والمتوحد للرب يسوع الراهب فى أديرة الجبال والمتوحد فى شقوق الأرض , مجاهداً ناسكاً فى أصوام وصلوات ليلاً ونهاراً فنمى فى الفضائل الروحية .. وأعتمد على القوة الإلهية التى عضدته فى هذه المرحلة التى كانت كل أساس لحياته فى المستقبل .

أما عن نسكه وزهده وفقره فقد عاش حياة التجرد وكانت ملابسه بسيطة سواء الملابس الخارجية السوداء أم ملابس الخدمة فكان يلبس التونية والبلين حتى فى أيام الأعياد أو المناسبات ونلاحظ هذا فى صور عودة رفات مار مرقس فقد إرتدى رؤساء الكنائس أفخر ما عندهم أما هو فكان يلبس ملابسة العادية البسيطة التونية والبلين ..
وفى وصيته .. أوصى أن يدفن بالملابس التى تكون على جسده وقت نياحته ولا لزوم لغيرها .

وفى طعامه كان قليل الأكل منذ نعومة أظفارة لم يشتهى أنواع الطعام الغالى قكان يأكل طعاماً بسيطاً كالخبز والزيتون والملح والدقة .. ألخ وعندما أصبح راهباً وزاهداً عن العالم ظل على عادته .

أما أثاث مغارته أو الطاحونة أو فى دير مارمينا أو حتى فى قلاية البطريركية فكان بسيطاً جداً , وكان كل شئ من الأثاث مخصصاً للأحتياجات الملحة التى تتطلبها مكانته فقط .

أما عن الزيارات والحفلات العامة والمهرجانات فقد رفض الذهاب إليها وأعلن عن موقفه عندما سيم بابا للكنيسة كتبت جريدة الوفد فى يوم 25/ 5/ 1959م أى بعد أسبوعين فقط من سيامته المقدسة : " أعد نظام جديد لزيارات البابا كيرلس كيرلس السادس , لن يخرج قداسته من قصرة ( المقر الباباوى ) إلا للزيارات الرعوية للكنائس والأديرة والإيبارشيات , ولن يلبى قداسته الدعوة إلى الحفلات العامة لأنه لا يميل إليها ولا تتفق مع طبيعة زهده وتوحده .

وهناك أدله وبراهين عديده بمكن الخوض فيها لأستخراج ما يدل على تعبده وتقشفه منها تعاليمه وكتاباته وأيضاً فى فلسفة خدمته ورعايته وقيادته للكنيسة .

أما أنا فصلاة

الصلاة كانت هى علاقة بين الأنبا كيرلس السادس وإلهه وكانت أيضاً صلتة بينه وبين مصدر وجوده , صلاته كانت حضور وشركة مع الروح القدس الروح الإلهية , رفع القلب والعقل والمشاعر وخصصها لإله الكون , وذلك فى صورة تسبيح دائم مستمر وهذا هو عمل ملائكة الرب , وصلاته كانت حوار مفتوح مع الرب الإله كان قصيراً كان فى وسط الناس فى العالم , ولكن عندما كرس نفسه جعله الحوار مفتوح دائما لا يغلقه وبهذا أمكنه القول :

أما أنا فصلاة

وبالصلاة إختبر كباقى القديسين قوتها وفعلها فى حياتهم , هى مصدر تعزيتة هى ينبوع قداستة , صلاته امتلاء من نعمة الروح القدس وموهبتها , وصلاته كانت هى القوة الوحيدة الفعالة لمواجهة عدو كل خير وحروبه المتنوعة , صلاته هى برجه الحصين الذى سقطت تحته كل حيل العدو الشريرة .

صلوا كل حين ولا تملوا

وكان يصلى كل حين بدون ملل كل حين وفى كل مكان وفى كل ساعة صلواته لم تنقطع لحظة واحدة سكب نفسه أمام الرب يسوع يصلى فى منتصف الليل , فى السحر , فى الصباح الباكر , طول النهار , عند المساء فى حجرته فى قلايته , فى مغارته , فى أكله وشربه , فى نومه ويقظته .

صلوات القداس الإلهى كل يوم بلا أنقطاع يوماً واحداً

أما صلاة القداسات فكان عجيباً فقد كان أبونا مينا يصلى قداساً إلهياً كل يوم , ويأخذ الرب يسوع فى جسده فيجدد مثل النسر شبابه , وبالسيد المسيح كان يواجه يومه , فواجه كل مشاكله به , وواجه به كل ضيقاته , وكان معه فى الصعوبات والأوقات الحرجة , وكان يطلب من الرب يسوع فى صلاته كل إحتياجاته لنفسه ولأولاده أو لمن يطلب منه أن يذكره أو لبلاده

وقد روى المتنيح الأنبا مينا الصموئيلى أسقف دير الأنبا صموئيل أنه عندما كان يسكن مع أبونا مينا فى الطاحونة سأله بخصوص عمل القداسات اليومية فسأله :

- لو شائت العناية الإلهية وأصبحت بطريرك هاتعمل أيه ... ؟

- سوف أجعل الكنائش تصلى كا يوم .

- إنهم كهنة علمانيين وعندهم مشاكل .

- على الأقل فى ايام الأربع والجمع والآحاد .

- ولو فرض أن هناك كنيسة فقيرة لا تقدر أن تخصص قرابنى لأعداد القربان .

- هاعمل القربان فى البطريركية , وارسله لهم بواسطة عربات - أبناء البابا كيرلس السادس الخدمة والإتضاع فى حياة البابا كيرلس السادس .

وبالفعل عندما أصبح أبونا بطريركا بأسم البابا كيرلس السادس .. أقام القداسات اليومية , وعلى كل المذابح فى البطريركية , وكان يذهب إلى الكنائس باكراً جداً قبل حضور قسيس الكنيسة وذهب عدة مرات والكنيسة مقفوله وتفتح الكنيسة بمعجزات شتى وكتب معجزاته فيها الكثير من التفاصيل عن هذا الموضوع , وكان الشعب الفبطى عندما يعرف بحضور باباع كانوا يتسابقون لنوال بركته وهكذا تعلم الشعب أهميه حضور القداسات فى حياتهم وتناولوا من السرار المقدسة , وللآن رغم مرور عشرات السنين على نياحته ما زالت كنائس كثيرة تقيم القداسات اليومية وإمتلأت الكنائس بالمصليين فى كل الأوقات

وقد قال البابا شنودة الثالث : " إن البابا كيرلس السادس أمضى حوالى 40 عاماً فى خدمة الكهنوت , وقد حرص فى كل يوم أن يقيم القداس ولا يوجد فى تاريخ الكنيسة كله إنسان مثله استطاع أن يقيم مثل هذه القداسات أنه صلى ما يزيد عن 12 ألف قداس وهذا أمر لم يحدث فى تاريخ اى بابا من باباوات الإسكندرية أو العالم أو الرهبان .. كان يعهد إلى الرب بمشاكله ويرى ان القداسات والصلوات هى التى تحل له المشاكل وليست المجهودات البشرية "

وقد سجل أبونا مينا (الأنبا كيرلس السادس) إختباراته الروحية عن أهمية الصلاة والقداس فى الحياة مع الرب يسوع فكتب قائلاً : " ** أطلب فى القداس بلجاجة كل ما أنت محتاج إليه , لأنه هذا هو الوقت المقبول , هذا .. هذا الوقت الذى تفتح أبواب السماء , هذا الوقت الذى يكون فيه المسيح حاضراً مقدماً جسده ودمه لنا لنأكل ونحيا ونفوز بغفران خطايانا .. "

وكتب إلى أحد الرهبان يرشده فقال له : " بكل نشاط إجتهد فى تقديم القرابين وأطلب وتضرع بكل قلبك وقت حلول الروح القدس لكى يتراءف على العالم بعين الرحمة وينظر إلى كنيسته , ويعيد لها سابق مجدها .. أطلب عنى وعن ضعفى " . القس رافائيل آفا مينا - ينبوع تعزية

أما وصيته لأولاده الرهبان فى دير الأنبا صموئيل فقال لهم : " إجتهدوا جداً فى خدمة القداس , وبما ان الرب أراد وبدأتم لتقيموا القداس يومياً , وهذه نعمة عظيمة لا يعبر عنها , فإحرصوا كل الحرص على المداومة عليها مهما كانت المقاومات " . أبناء البابا كيرلس السادس الخدمة والإتضاع فى حياة البابا كيرلس السادس .


أنظروا إلى نهاية سيرتهم وتمثلوا بإيمانهم


علاقة البابا الأنبا كيرلس العجيبة ب مار مينا القديس الذى أستشهد منذ قرون

ماذا تعنى الشفاعة فى المنظار المسيحى ؟

القديس مار مينا هو شهيد أسشتهد فى العصر الرومانى ومن كثرة العجائب أطلق عليه أسم مار مينا العجائبى , ارتبط الأنبا كيرلس بهذا الشهيد الذى أستشهد منذ العصر الرومانى , هذه العلاقة المتبادلة نسميها فى بعض الأحيان صداقة , تكون ذو دلاله فيطلب الأنسان حلا مشكلة أو شفاء من مرض .. ألخ الذى يعيش فى العالم أى فى الكنيسة المجاهدة فى الحياة ممن يرتبط معه من عضو فى الكنيسة المنتصرة , تسمي الكنيسة هذا النوع من العلاقة امتبادلة بين الكنيستين الشفاعة , وفى الحقيقة أن الرب نفسه هو الذى يسمع الطلبات ويكلف القديسين والشهداء بتنفيذها بقوة منه , وهى علاقة حب إلهية كاملة ليس فيها نقصان بين من فى الأرض ومن فى السماء تحركها قوة الرب يسوع فيقبل الطلبات ويصعدها إلى القديسين فيتشفعون أمامه لأجلنا أمام مركز الحب فيجيب لطلباتهم وينفذونها بقوته , فنحن حينما نقف أمام الديان العادل نقف مرتعبين من كثرة ذنوبنا , فلا سبيل لنا إلا أن نتشفع بأحد احباؤنا من الذين يقفون مسبحين أمام الرب الإله .

هؤلاء هم الذين أنتصروا ونرتبط بهم إربتاطاً روحياً مقدساً , هم شفعائنا يساعدوننا فى الأمور الروحية وجهادنا اليومى , يؤازروننا ويعضدوننا ويشجعوننا , وقودوننا إلى الرب يسوع لنتذوق جمال عشرته وحلاوة الإتحاد به والحياة معه والقداسة فيه يوم بيوم , لأن القديسين والشهداء كانوا يجاهدون ويثابرون من أجل الحصول على الملكوت الذى هو فيه .

ومن ناحية اخرى فإننا نتخذ الشفيع مثلاً ومثالاً لحياتنا أى بالمنظار المسيحى نتمثل بإيمانه , صديقاً معيناً ساهراً لا ينام مصلياً أمام الرب يسوع , الصديق الغير مرئى والوفاء الذى ينبع من الإله المقدس , علاقة نرجوا منها كل خير وبركة وفرح وسلام وهدوء وطمأنينه , أنه معنا لأننه بالرب يساعدنا فى كل أعمالنا وخطواتنا , روحا مقدسة يرسلها الرب فى نومنا وراحتنا ويساعدنا فى تصرفاتنا فينبهنا على أخطائنا هو المعلم ونحن تلاميذه , لأنه سلك هذه الطريق قبلنا فنسلك معه فى احياة الروحية المملوءة نعمة وحقاً , وببساطة شديدة يأتى إلينا حينما نطلبه بقوة الرب يسوع الذى يرسله ومعه فعل المعجزة إذا أردنا , والمعجزة تعنى الإعجاز بالآيات والعجائب الجسدية والنفسية وحل مشكلاتنا .

علاقة الأنبا كيرلس والشهيد مار مينا العجيبة

عجيبة ونادرة العلاقة بين العلاقة التى كانت بين البابا الأنبا كيرلس والشهيد العظيم مار مينا العجائبى الذى قتله الرومان لتمسكه بمسيحه , هذا الأرتباط هو أرتباط حى وفريد ونموذجى وعجيب ولا يمكن تفسيرة طبقاً لعلوم العالم المادى الذى نعيش فيه , الإرتباط بينهما كان إرتباطاً أذهل الجميع وأدهش الكل , فكان كل من يذكر البابا كيرلس يذكر مار مينا , وأصبح كل من مار مينا والأنبا كيرلس إنسان الرب الذى يتأهب ليصنع مشيئة الرب فى كل حين .

أما بداية أرتباط البابا كيرلس أو عازر منذ طفوليته , فهل كان يتكلم معه ويحاكيه كشخص موجود معه , لأن شخصية مار مينا لم يغب عن ذهنه ولم يتركه لحظة .

وذهب عازر للرهبنة وجاء يوم تكريسه فيأتى السنكسار اليوم يحمل سيرة مار مينا الشهيد القبطى فحمل عازر أسم مار مينا وتهلل روحه وإبتهجت نفسه فقد أصبح عازر حامل أسم مينا لأنه فى هذا الإسم تاريخ حبه وصلة حياته .

وكان مار مينا مع أبونا مينا فى الطاحونة فى المغارة .. فغى كنيسته بمصر القديمة .. فى البطريركية .. فى كل مكان كان يطلبه كان يعينه .

وكان من المتوقع أن يحتفظ أبونا مينا البراموسى المتوحد بإسمه عندما أختير بطريركاً ليكون البابا " مينا الثالث" ولكن ظهر البابا كيرلس الخامس له فى حلم قبل القرعة الهيكلية فشعر أنها دعوة من السماء لينال هذا السم لذلك حرص أن يسمى كيرلس السادس

ولم يكن هناك وقت أو زمان أو مكان معين لهذه العلاقة العجيبه فكان الرب يرسل مار مينا حينما يطلبه البابا كيرلس : فى الصباح .. وفى حر النهار وقيظه .. فى المساء .. فى وقت السحر .. فى نصف الليل .. فى الصلاة .. فى القداس .. فى الأصوام .. فى القرارات .. فى النسكيات كتاب مع القديسين عن طريق القداسة .

وعن هذه العلاقة تكلم البابا شنودة الثالث فقال : " ولست ادرى عندما تصعد روح البابا كيرلس السادس ليلاقى القديس مار مينا فى البدية , بأى طريقة سيتقابلان .. ؟ لأنه لم يحب البابا كيرلس السادس أحداً فى حياته أكثر من مار مينا !!! "

وقد سجلت جماعة أبناء البابا كيرلس السادس معجزاته ومعجزات مار مينا فى أكثر من 25 كتابا وكذلك الكثير من الكتب الألاف من المعجزات والعجائب والمواقف وشفاء الأمراض التى صنعها الشهيد مار مينا بمجرد طلبها منه ابونا مينا ( البابا كيرلس السادس ) وذلك بمجرد أن يقول : " يا مار مينا " كان القديس يتدخل بمحبته الكبيرة وبسرعة مدهشة , وكانت الجمل التى تخرج من فم قداسته حينما يأتيه شعبه لحل مشاكلهم : " سنرسل لكم مار مبنا .. مار مينا هايتصرف .. مار مينا سيحل الأمر .. مار مينا سينهى الموضوع .. أذهبوا مار مينا معاكم .."

وكثيرون جاءوا إليه طالبين صلواته من أجل الإنجاب فيقول لهم : " هاتجيبوا مينا " وتتم النبوة ويعود الزوجان فرحين ومعهما أبنهما المولود مينا وكم من الألوف الذى اطلق عليهم فى عصرة أسم مينا تيمناً بهذا الأسم الذى كان باباهم يحبه ويتشفع به .

مار مينا فى حياة ابونا مينا

1- فى عام 1945 م تأسست جمعية مار مينا العجائبى بالأسكندرية - وهى جمعية ثقلفية هدفها إحياء ذمرى أبطال المسيحية والكنيسة ومعالم التاريخ القبطى المهمل الذى ديس تحت أقدام العرب المسلمين .

2- ميناء الخلاص مؤسسها يسوع الملك ومديرها مار مينا العجائبى وهى كنيسة ودير مار مينا بمصر القديمة .

3- إقامة الكثير من الكنائس والعديد من المذابح على أسم القديس مار مينا العجائبى .

4- إطلاق إسم مار مينا على الكثير من ألاباء الرهبان والكهنة .

5- فى 7 أغسطس 1960 م قام البابا كيرلس السادس بسيامة مطران على أيبروشية جرجا باسم نيافة الأنبا مينا مطران جرجا .

6- قام بسيامة أول راهب فى دير مار مينا بمريوط على أسم مينا أقامينا - ثم أصبح الأنبا مينا أفامينا أسقفا (تنيح)
قصة إنشاء دير مار مينا فى العصر الحديث

قام البابا كيرلس السادس بأعمال هامة لم يقم بها أى بابا من قبله ومن الأعمال الهامة التى قام بها تعمير دير الأنبا صموئيل المعترف - وقام بأنشاء دير مار مينا العجائبى فى صحراء مريوط وهذا الدير له شهرة تاريخية كبيرة وكان من اكبر أديرة العالم واشهرها تاريخياً حيث وصلت شهرته فى العصور القديمة من قوارير الزيت التى وجدت فى أوربا ونقلها زواره إلى هناك وستجد أحداث إنشاؤه فى العصر الجديث فى موضوع دير مار مينا فى هذا الموقع

أباً وقائداً وراعياً ساهراً

الأقباط شعب ذو حضارة ولا تستقيم أمور الكنيسة إلا إذا كان رئيس الاباء يجمع صفات كثيرة مثل : الأبوة - التعليم - القيادة - تحمل المسئولية - البذل - الأختبارات الروحية - الأمتلاء والروح القدس وحصولة على النعمة الإلهية - الأمانة والتدقيق - السهر واليقظة على الشعب - الأبوة الصادقة الحانية - المحبة الفائقة تمثلاً بالرب يسوع - الحكمة والفهم - الخدمة والتعب والجهاد - النصح والإرشاد - وبإختصار شديد متبعاً قول الرب : " ولأجلهم أقدس ذاتى , ليكونوا هم أيضاً مقدسين فى الحق (يوحنا 17: 19)

ولم يصل البابا كيرلس السادس إلى هذه الدرجة من الأبوة والقيادة والرعاية بين يوم وليلة , بل أنه تدرج فى المسئوليات الكنسية المختلفة حتى وصل إلى أن يكون بابا الجميع , ولم تكن بداية باباويته يوم رسامته ولنها بدأن حينما وضع نفسه تلميذاً للأب العالم الجليل القمص عبد المسيح المسعودى القمص عبد المسيح المسعودى الكبير ولد سنة 1848 م وذهب إلى دير البراموسى وهناك صار راهباً سنة 1884م ثم جاء أبن أخية القمص عبد المسيح صليب المسعودى وسيم قساً سنة 1886 م ثم قمصاً بأسم جرجس سنة 1891م .. وقد قام بطبع كثير من الكتب الكنسية والطقسية , وقد كتاباً يعد من أعظم الكتب التى كتبها التحفة البراموسية التى حوت 1172 صفحة وكان يعتبر موسوعة فى الحساب الأبقطى والتواريخ العالمية , ومن الكتب الأخرى التى قام بكتابتها كتاب التحفة السائلين فى ذكر أديرة ورهبان المصريين , وقد قام ايضاً بمراجعة الكثير من الكتب وأعاد تنسيق مكتبة مكتبة الدير ورتبها وبوبها , وقام بشراء كثير من الكتب الجديدة التى تظهر فى المكتبات , وكان أيضاً دارساً للعديد من الكتب التى ضمتها المكتبة ويظهر هذا من تعليقاته عليها المكتوبة بالحبر الأحمر وتعليقاتة لم تكن فقط على الصفحات ولكنها أمتدت إلى الحروف الناقصة أو الزائدة , وعاش لمدة 87 عاماً وتنيح سنة 1935م

القراءة

كانت مكتبة الدير هو المكان الذى بدأ به علاقته بالرب يسوع وكان يقرأ كثيراً ليجصل على الستنارة والمعرفة , جتى لا يهلك من عدم المعرفة , وقد ذكر هذا الأمر فى نقل إختباراته وخبراته الروحية إلى أبنه الراهب المبتدئ مكارى السريانى ( المتنيح الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة والإجتماعية) فكتب قائلا له : " وداوم وأكرم القراءة أكثر من الصلاة , لأن القراءة هى ينبوع الصلاة الذكية , لأنه كما قلت لك إن أول عمل فى الفضيلة هى القراءة بغرض مستقيم , أعنى تقرأ لمعرفة السير فى طريق الفضيلة , فالذى يقرأ فى الكتب لأجل معرفة طريق الفضيلة , ينفتح امامه طريق الفضيلة , والذى يدخل طريق الفضيلة يفنح عليه باب التجارب والذى يدخل باب التجارب يفتح أمامه باب المعونة الإلهية التى تخلصة من تلك التجارب , أما الباب الأخير فهو موهبة تعطى من الرب يسوع .. " أصدقاء الأنبا صموئيل - كتاب الأنبا صموئيل القدوة والمعلم

طفولة وشباب البابا كيرلس السادس

طفولة وشباب البابا كيرلس السادس

الملقب بــ بابا المعجزات


الأنبا كيرلس السادس كان اسمه سابقاً عازر يوسف عطا
نزح جدود أسرته المسيحية فى أواخر حكم المماليك (1251م - 1517م ) من قرية الزوك الشرقية المنشأة بسوهاج , ويرجع أسم قرية الزوك عركة الشرقية بسوهاج بنى حرب من القبائل القربية (1) التى أحلها خلفاء بنى امية والعباس محل القباط الذين تركوا البلاد وهربوا من قسوة الإحتلال الإسلامى لمصر , واستقرت فى طوخ دلكة بالمنوفية , وبمرور الوقت عرفت هذه العائلة النازحة من الصعيد بأسم عائلة الزيكى نسبة إلى قرية الزوك التى جائت منها (2) ويوسف عطا هو الجيل الثانى من العائلة المهاجرة من الصعيد .


وفى أواخر القرن التاسع عشر تركت هذه الأسرة المنوفية وأستقرت فى دمنهور .


وكان سبب أنتقال يوسف عطا أنه عمل وكيلاً عاماً لإدارة أعمال أحد كبار الملاك بالبحيرة والغربية والمنوفية ,,

ولادته وطفولتة ونشأته فى وسط روحى مسيحى

فى يوم السبت 21 أغسطس سنة 1902 ولد المتنيح قداسة البابا كيرلس السادس فى أسرة مباركة مُحبة للمسيح، وهو الطفل الثانى ودعى بإسم " عازر " وكان الثانى بين أخوين آخرين كبيرهما حنا وصغيرهما ميخائيل وكان والده يوسف عطا المحب للكنيسة وناسخ كتبها ومنقحها ، وكان يتفاني في خدمة أمة الكنيسة الأرثوذكسية حريصاً على حفظ تراثها , وكانت الأسرة تحافظ على المناخ الروحى حريصة على حضور صلوات القداسات الإلهية وسير الاباء القديسين حريصين على الإحتفال بتذكاراتهم وسيرتهم العطرة وخاصة القديس مينا العجائبى , وكانوا يذهبون سنوياً لقضاء عيده فى ديرة بأبيار الغربية .

وأستقر بهم الأمر فى بلدة دمنهور وهناك تربى عازر فى وسط جو عائلى روحى ونشأ منذ طفولتة مبكرة محباً للكهنوت ورجال الكهنوت ، ينام على حجر الآباء الرهبان وحين جائت امه وحملته بين زراعيها وهو نائماً معتذره فقال لها : " لا داعى للأعتذار لأنه من نصيبنا " ولما كانت بلده طوخ كانت وقفاً على دير البراموس في ذلك الوقت وكان من بينهم الراهب الشيخ القمص تادرس البراموسى وأرتبط به عازر وهو أبن أربع سنوات . واعتاد الرهبان زيارة منزل والده من حين لآخر لما عرف عنه من حب وتضلع في طقوس الكنيسة .

وحدث أن أنتقلت الأسرة إلى الأسكندرية حيث عمل يوسف وكيلاً لدائرة أحمد يحي ياشا وهو والد عبد الفتاح يحي باشا رئيس الوزراء فى الفترة من (1933 - 1934 م ) وكانت هذه الدائرة مقراً لرجال الوفد وبالتالى كانت مركز للحركة الوطنية فى فترة الثورة العظمى التى أشعلها سعد زغلول قصة الكنيسة القبطية - ايريس حبيب المصرى ص 18.


الشاب التقى عازر يوسف عطا

وقضى عازر فترة الدراسة الثانوية فى الإسكندرية وبعد حصوله على البكالريوا (الثانوية العامة او التوجيهى ) ألتحق بالعمل بشركة كوكس شيبينج للملاحة , وكان عازر أميناً مخلصاً ملتزماً لعمله (3) أى انه كان مثال المسيحية الحقيقية .


ولم يكن عازر مثل بقية الشباب الذين تجرهم لهو الحياة وملذاتها فقد وضع هدفاً لحياته هو محبة الرب يسوع , يفرح لحضور صلوات القداس الإلهى والتناول من السرار المقدسة , كان يشغل ذهنه وعاطفته بالرب يسوع , يقضى الليل ساهراً فى معرفته من خلال قراءته للكتاب المقدس ويتكلم معه فى صلاة عميقة طويلة دائم التأمل فى أحكامه وحكة الرب الإلهية , وكان يحب قراءة سير الاباء القديسين والآباء النساك المتوحدين لينفذ قول الكتاب أقرأوا سيرتهم وتمثلوا بإيمانهم , وتركت سيرة القديس الأنبا أبرآم أسقف الفيوم (تنيح عام 1914م) اثراً فى حياة الناس فى ذلك الوقت (4) , كما أن الحياة الروحية الطاهرة التى للبابا كيرلس الخامس وشفافية روحه كانت نبراساً يضئ لشباب هذا الجيل (5) كما أن العلاقة الغريبة التى كانت تربط عازر الشاب مع شاب آخر أستشهد من قرون هو الشاب مار مينا العجائبى كانت علاقة غريبة حقاً لم تحدث من قبل أن يرتبط أنسان حى بقديس استشهد من قرون بهذه الدرجة (راجع معجزات البابا كيرلس السادس حوالى 25 كتاب )


لعازر مع مدير الشركة الأسترالى


وكان مدير الشركة استرالياً صعب فى إدارته شديد الوطأة على موظفيه فكانوا يتجنبون مقابلته , وكان من عادته أنه يقف أحيانا اعلا السلم فى مواجهة المدخل يراقب الداخلين , وكان عازر قبل أن يبدأ عمله فى الساعة 9 صباحاً يمر على الكنيسة المرقسية , وذات مرة كان المدير واقفاً على السلم كعادته فلما ذخل عازر حيا المدير بتلقائية لطيفة , فسأله عن سبب تأخره , فأجابه ببساطة قائلاً : " أن عمله يبدأ الساعة التاسعة والآن الساعة التاسعة تماماً " فقال المدير للرئيس المباشر عن لعازر : " لقد علمنى هذا الشاب أن احترمه لرباطة جأشه "


لعازر والقائد الإنجليزى

فى أحد الأيام كلفه المدير بالإشراف على الإجراءات الجمركية الخاصة بقائد أمريكى كبير عائد إلى أنجلترا , وحينما فتحوا حقائب القائد فى صالة التفتيش فوجئ عازر بعثوره على حافظة نقود القائد وسط ملابسه , ولما أنتهى من عمله عاد إلى المدير يحمل إليه حافظة النقود , وكان القائد جالساً إلى جواره , ففرح بإستلامها وعندما فتحها وجدها كاملة لم ينقص منها شئ فقد م إلى عازر مائة جنيه أسترلينى مكافأة فرفضها رفضاً باتاً , وفى اليوم التالى فوجئ مفاجأة ثانية هى زيادة مرتبه 10 جنيه شهرياً .

ليدية بائعة الأرجوان (لِيدِيَّةُ بَيَّاعَةُ أُرْجُوَانٍ)



من قاموس الكتاب المقدس ... دائرة المعارف الكتابية المسيحية
ليدية بائعة الأرجوان (لِيدِيَّةُ بَيَّاعَةُ أُرْجُوَانٍ)

وهي امرأة مسيحية من مدينة ثياتيرا في ليديا. كانت ثياتيرا مشهورة بصناعة الصباغة وكانت هذه الامرأة تقيم في مدينة فيلبي مؤقتًا وتحصل عيشها بالاتجار بالأرجوان والأقمشة المصبوغة. وكانت تعبد الله قبل أن وصل بولس إلى فيلبي. وقبلت بفرح تبشير بولس وكانت أولى المهتدين في مقدونيا وأوربا. وقد أضافت بولس ورفاقه (اع 16: 14 - 15).

كانت "ليدية" سيدة أعمال من ثياتيرا تقيم في فيلبي، وكانت أول من أمن بالرب يسوع، علي يد الرسول بولس في فيلبي (أع 16: 12و 15و 40). ومع أن اسم "ليديية" اسمًا شائعًا في الأدب اليوناني، إلا أنه قد يكون -هنا- وصفا لها باعتبارها سيدة من مملكة ليديا في آسيا الصغرى، وليس اسم عَلَم لأن "ثياتيرا" كانت إحدى مدن ليديا. وكانت "ليدية" "بياعة أرجوان"، فقد كانت بلدتها الأصلية "ثياتيرا" تشتهر بصناعة الملابس المصبوغة بالأرجوان، التي كانت غالية الثمن، ولا يرتديها إلا الملوك وعلية القوم. ولابد أن "ليدية" كانت في فيلبي تمثل إحدى الشركات في موطنها الأصلي ثياتيرا. ومعني ذلك أنها كانت سيدة ذات ثراء. ويظن البعض أنها كانت تواصل ممارسة عمل زوجها المتوفي.

وتوصف "ليدية" بأنها كانت "متعبدة لله" (أع 16: 14)، وهو وصف يدل علي أنها كانت من الدخلاء" في اليهودية. والأرجح أنها قبلت الإيمان اليهودي في موطنها في ثياتيرا حيث كانت توجد مستعمرة يهودية قوية. وفي فيلبي كانت تواظب بأمانة علي الاشتراك في الصلوات في أيام السبوت، عند نهر خارج المدينة "حيث جرت العادة أن تكون صلاة". ولما سمعت كرازة الرسول بولس، "فتح الرب قلبها" وآمنت بالرب يسوع المسيح. وهكذا أصبح بيتها مركز إقامة الرسولبن في أثناء خدمتهما في فيلبي، بل أصبح مقرًا للكنيسة الناشئة، إذ نقرأ أن الرسولين، بعد أن خرجا من السجن، "دخلا عند ليدية فأبصرا الإخوة وعزياهم ثم خرجا" (أع 16: 40).

ولا شك في أن كرم ليدية كان عاملًا فعالًا في مشاركة كنيسة فيلبي للرسول بولس في العطاء لسد حاجاته (في 4: 15و 16).

ولا يرد اسم "ليدية" في رسالة الرسول بولس إلي الكنيسة في فيلبي، ولعل سبب ذلك يكمن في أنها ربما كانت قد غادرت فيلبي، أو أنها قد رقدت في الرب. ويري البعض أنه حيث إن "ليدية" ليس اسم علم لها، بل نسبة إلي موطنها الأصلي في آسيا الصغرى، فلعلها كانت إحدى السيدتين المذكورتين في 4: 2. أما افتراض أنها هي التي خاطبها الرسول بالقول: "أسألك أنت يا شريكي المخلص" (في 4: 3) فهو زعم لا أساس له، وبخاصة لأن "شريكي المخلص" ترد في اليونانية في صيغة المذكر (كما هي في العربية)، وكذلك لا أساس للزعم الخيالي بأن الرسول بولس كان قد تزوجها!