من كتاب تاملات في سفر نشيد الانشاد .......... هوّذا آتٍ طافرًا على الجبال ( نش 2: 8 ) +++ البابا شنودة الثالث
على الجبال:
إن عذراء النشيد -بالكشف الإلهي- أمكنها أن ترى تجسد المسيح، قبل مجيئه بأكثر من ألف سنة. فقالت " صوت حبيبي. هوذا آتٍ، طافرًا على الجبال.. "
فأية جبال تراها كانت تعني؟
1- أولها جبال يهوذا، وهو في بطن العذراء:
إذ يقول الإنجيل إن مريم العذراء، لما قال لها الملاك " وهوذا أليصابات نسيبتك هي أيضًا حبلى بابن في شيخوختها. وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرًا" (لو 1: 36) حينئذ قامت مريم في تلك الأيام، وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا ودخلت بيت زكريا، وسلمت على أليصابات" (لو 1: 39، 40).
وكان الرب يسوع حينئذ جنينًا في بطنها، وهي على جبال يهوذا. لذلك لما صار سلام مريم في أذني أليصابات، أمتلأت أليصابات من الروح القدس، وأرتكض الجنين في بطنها (لو 1 42، 44).
مستقبلًا هذا الذي أتاه طافرًا على الجبال..
2- جبل قسقام في مصر:
وذلك أثناء الهروب إلى مصر، حسب أمر الملاك ليوسف النجار (مت 1: 13).
وكان آخر المطاف في مصر هو عند موضع الدير المحرق في جبل فسقام، حيث بارك الرب هذا الجبل وكل أرض مصر التي عبر بها.
3- جبل التجربة (مت 4):
ويمكن أن ندعوه أيضًا جبل الانتصار، إذ قضى الرب " أربعين يومًا يُجَرب من الشيطان. وكان مع الوحوش. وصارت الملائكة تخدمه" (مر 1: 12).
والتجربة الثالثة كانت على جبل عال حيث رأى " جميع ممالك الأرض ومجدها (مت 4: 8) مزدريًا بها جميعًا ومنتصرًا على كل حيل إبليس، فأستطاع بهذا أن يقول لتلاميذه " ثقوا، أنا قد غلبت العالم" (يو 16: 23) وقال عنه القديس بولس الرسول إنه " مُجرب في كل شيء مثلنا، بلا خطيه" (عب 4: 15) وأيضًا " لأنه فيما هو تألم مُجربًا، قادر أن يعين المُجربين" (عب 2: 18).
كان على جبل التجربة تعزية لنا في تجاربنا. وتشجيعًا لنا في الانتصار على تجاربنا.
4- على جبل العظه (مت 5):
كما كانت تعاليمه هكذا عاليه ومرتفعه عن كل تعليم بشري، لاق بها أن نقول على جبل عالٍ. وفي هذا يقول القديس متى في بداية العظة على الجبل " ولما أبصر الجموع صعد إلى الجبل.. وفتح فاه وعلمهم قائلًا: طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السموات.." (مت 5: 1 – 3).
وهكذا قيل عن سمو هذه العظات التي قالها الرب على الجبل " فلما أكمل يسوع هذه الأقوال، بهتت الجموع من تعليمه. لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان، وليس كالكتبة" (مت 7: 28، 29).
وكثيرًا ما كان الرب يُعلم على الجبال.
5- على جبل التجلي:
وقيل في ذلك " أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا. وصعد بهم إلى جبل عالٍ منفردين. وتغيرت هيئته قدامهم. وأضاء وجهه كالشمس، وصارت ثيابه بيضاء كالنور. وإذا موسى وإيليا قد ظهرا، يتكلمان معه.. ، (مت 17: 1 – 3) (مر 9: 1 – 3)
ويكمل القديس متى الإنجيلي هذه المعجزة المبهرة بقوله " إذا سحابه نيره ظللتهم، وصوت من السحابة قائلًا: هذا هو أبني الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا" (مت 17: 5) ويذكر هذا إنجيل مرقس أيضًا (مر 9: 7).
كما ورد ذلك في إنجيل لوقا كذلك (لو 9: 34، 35).
ويقول القديس بطرس الرسول عن الرب يسوع: " لأنه أخذ من الله الآب كرامة ومجدًا، إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد؟؟؟؟ هذا هو أبني الحبيب الذي أنا به سررت. ونحن سمعنا هذا الصوت مقبلًا من السماء، إذ كنا معه على الجبل المقدس" (2بط 1: 17، 18).
كان جبل التجلي عظيمًا هكذا، إذ عبر عن لاهوت الرب ومحبة الآب له. لذلك لاق به أن يدعى " الجبل المقدس " ويذكر بين الجبال الهامة التي طفر عليها الرب.
6- جبال الصلاة والتأمل:
ما أكثر ما كان السيد الرب يختار الجبل مكانًا للصلاة والتأمل والخلوة مع الآب.
يقول عنه القديس متى الرسول " وبعد ما صرف الجموع، صعد إلى الجبل ليصلي" (مت 14: 23).
ويقول القديس مرقس الرسول".. صرف الجمع. وبعد ما ودعهم، صعد إلى الجبل ليصلي" (مر 6: 46). ويقول القديس لوقا " وفي تلك الأيام، خرج إلى الجبل ليصلي.
وقضى الليل كله في الصلاة لله" (لو 6: 12). ويقول أيضًا " وكان في النهار يعلّم في الهيكل. وفي الليل يخرج ويبيت في الجبل الذي يدعى جبل الزيتون (لو 21: 37). حقًا إن جبل الزيتون كان من أهم الجبال في أثناء فترة تجسد الرب على الأرض.
ومن العبارات المؤثرة في إنجيل القديس يوحنا الحبيب، قوله " فمضى كل واحد إلى خاصته. أما يسوع فمضى إلى جبل الزيتون" (يو 7: 53)، (يو 8: 1).
7- جبل الجلجثة:
وأهم آخر الجبال التي وصل إليها الرب في تجسده على الأرض. هو جبل الفداء الذي فيه سفك دمه الطاهر عنا لأجل خلاصنا. لأنه لا يوجد حب أعظم من هذا أن يضع احد نفسه لأجل أحبائه (يو 15 : 13).
وعن صلب الرب يقول إنجيل متى إنهم " أتوا إلى موضع يقال له جلجثه وهو المسمى موضع الجمجمة " (مت 27: 33).
ويذكر مرقس الرسول هذه الجلجثة أيضًا (مر 15: 22) ويقول القديس لوقا " ولما مضوا به إلى الموضع الذي يدعى جمجمة صلبوه هناك.." (لو 23: 33).
ويقول القديس يوحنا " فخرج وهو حامل صليبه إلى الموضع الذي يُقال له موضع الجمجمة. ويُقال له بالعبرانية جلجثة، حيث صلبوه وصلبوا أثنين آخرين معه.." (يو 19: 17، 18).
8- جبال أخرى:
جبال أخرى في حياة تجسد المسيح على الأرض، ما أكثرها، بعضها خاصة بمعجزاته والبعض بتعليمه من على هذه الجبال.