من روائع عظات مثلث الرحمات الانبا ميخائيل اسقف اسيوط المتنيح




 من روائع عظات مثلث الرحمات الانبا ميخائيل اسقف اسيوط المتنيح
† ايها الرب يسوع تفضل ، وأضرم روحك فى أعماقنا لكى ندرك نعمتك الغنية التى تعمل فينا بإسمك القدوس ، وكم نحن فى حاجة لان ترافقنا طوال حياتنا الارضية الى أن نتلاقى بك فى أمجادك السماوية . لك المجد يا مسيحنا لانك تعطف علينا دوماً ، وتشملنا بتعزياتك ورعايتك فلك المجد ، لك الشكر ، لك الخضوع منا كل حين آمين .
 
† روح الله الذى رفّ على وجه المياة قديماً حينما ابدئت الخليقة ( الكون والارض ) التى نعيش فيها ، استمر الروح يعمل ويبدع .. لكن بالنسبة للانسان المخلوق لم يكن فية الاستعداد الدائم ـ فى ذلك الحين ـ لكى يتحمل فى أعماقة هذة القوة اللانهائية التى تحيط بالكون ..
 
† صحيح أن السماء كانت تتعطف وترافق انسان العهد القديم .. ترى السماء مواقف معينة يقتضى الامر فيها أن تتدخل وتساند الانسان وتقف الى جانبة .. لكن لم يكن فى مقدرة انسان العهد القديم أن يتقبل هذة النعمة ( الروح القدس ) لان الضعف الكامن والخطية التى لازمتة لاتؤهلانة لإستقرار هذة النعمة ودوامها . فلايتفق أن يكون الانسان فى خطيتة الموروثة وخطيتة الفعلية مؤهلاً ومستعداً على الدوام لملازمة هذة القوة .. لذلك ينادى داود وهو يستعطف السماء ويقول : ” قلباً نقياً أخلق فىّ يا الله وروحاً مستقيماً جددة فى أحشائى”.
 
† ولعلنا نتساءل : ( طيب ) ماانسكب النعمة على داود الصغير حينما دخل صموئيل الى بيت يسى أبوه حاملاً قنينه الزيت وسكبها علية وأقامة ملكاً وأعدة ليكون مكان شاول الذى عصى وحاد عن الشريعة .. ونزُعت منة كل موهبة صالحة ، فأين الهبة السمائية والعطية التى أعطيت لك ياداود ؟! أعُطيت لكى تلازمك وتعدك لكى تكون مسئولاً عن الرعية .. أعطيت لك كملك ؟! ولكن حينما طاش ذهنك ، وأنحرف فكرك وجنحت بعيداً وتطلعت الى ( القليل المحدود ) وأنت تملك الكثير .. طمعت .. وأغتصبت زوجة قائد فى جيش المملكة خاضع لك .. ودبرت له المؤامرة لكى يكون فى المقدمة فى مرمى الاعداء .. وتمت المؤامرة الشريرة بنجاح .. سيطر على ذهنك أن يخلو لك الطريق فتصل الى أمتك ( دون لوم من أحد كما كنت تظن ) أستدعيت زوجها القائد البرئ من ساحة المعارك ليدخل الى بيتة ويهنأ مع زوجتة ولكن شرفة وأمانتة وأستقامتة دفعتة للاصرار على العودة للميدان ناصراً .. شعر القائد بالتكليف السماوى فلابد أن يكون فى الميدان مدافعاً عن شعب اللة .. وأستمر داود فى غفلتة .. لم يستيقظ ؟ اين النعمة التى أنسكبت علية عندما أقامة اللة ملكاً ؟ أين هى القوة التى تحرك ضميرة ، نام وأستنام وظن فى نفسة أن كل الحقوق مسموحة له .. لم يشعر ، ولم يتحرك ، بل أستمر وأغتنم تلك الزوجة ومرت الايام ..
 
† لكن اللة فى عطفه وحنانه ورحمتة الكامله الذى لايشاء موت الخاطئ بل أن يرجع الية ويحيا ، يبعث الية بنبيه ناثان والذى يخبرة بالقصة المعروفة قال :( هناك من يملك أغنام كثيرة .. أحتاج يوماً أن يذبح واحدة منها لضيف جاءه .. تغلب علية طمعة وجشعة فلم يرد أن يذبح من الاغنام التى يمتلكها .. نظر الى جاره يملك واحدة أخذها منه وذبحها ) ثم قال: (مارأيك ياجلاله الملك ) تنبة داود الملك القاضى العادل .. قال ناثان : (ما رأيك فى من فعل هذا ؟!) أصدر داود الحكم ( يجب أن يقتل ) فأسرع النبى بالقول : أنت هو الرجل ؟! روح الله حل على ناثان النبى وواجة الملك ولم يخشاة بل وبخه .. عاد الملك داود الى رشده .. أستيقظ من غفلته وصرخ أخطأت الى الرب .. وردد ناثان : صوت من السماء يقول لك والرب رفع عنك خطيتك .. هنا يتبدل الحال .. يغرق داود فى البكاء والندم .. أيقظ صوت النبى ضميرة تتفجر ينابيع العلاقة الحلوة مع اللة ..
 
† لسنا أذن نروى قصة مضت فصولها .. فليس الامر قاصراً على داود الملك .. كثيراً مانطمع .. كثيراً مايقاوم القوى الضعيف .. القوى قد يكون أنساناً متسلطاً أو غنياً يريد المزيد لا يراعى اللة ولا يشعر بتبكيت فى ضميرة .. لايعرف مقاييس العدالة أنما يحتمى بغناة وسطوتة .. بقوتة الارضية يفعل ما يريد ؟! لكن الله يقظ ومنتبه .. لايمكن لانسان أن يفلت من العدالة الالهية .. لكن رغم ذلك ( وفى ظل هذة الظروف ) لا يترك اللة الانسان وحيداً دون مرشد ينير له الطريق ..
 
† لذلك الله فى عطف .. مسيحنا المتجسد قال لتلاميذه : لما كنت أنا معاكم كنت بأرشدكم ، بأعلمكم ، وبأطوف فى مجامعكم وأرشدكم للطريق الصحيح بأقوالى وتعاليمى ومعجزاتى .. وحين أصعد للسماء لن أترككم أرشادى لكم سيتواصل .. قد تحدث النكسة كما حدث لبطرس أنكر وسب ، وكما حدث لشاول المفترى الذى كان يضطهد كنيسة المسيح بأفراط لكن بعد أن أستنار بالروح القدس وبالجاذبية السماوية التى أيقظتة وأنارت له ضميرة وعرفتة الحقيقة .. قال : فعلت بجهل .. يآة أنت يابولس المتعلم ، الحافظ للشرائع ، المتفوق فى جيلك ترجع وتقول : فعلت بجهل ؟! وتقول : أنا مثل ” السقط ” ظهر لى أخيراً .. يآة .. ( أنت مثل السقط ) ألم تكن مولوداً كاملاً .. قال : أنا فى جهلى وفى غبائى فعلت .. أننى غير مستحق .. كان على عيّنى وعلى بصيرتى غشاوة ، وحدثت فعلاً الغشاوة .. وأشرق له النور فى الطريق .. وسقط بولس على وجهه وأقاموه وهو لايرى .. أقتادوة وأدخلوه الى دمشق ، يرسل له الرب حنانيا ، فى الطرق يقول الرب : ( ياشاول .. أنت بتضطهدنى صعب عليك أن ترفس مناخس ) ، هل تستطيع أن تمسك حربة وتطعن بها نفسك ؟! عمل غير معقول .. شاول القوى المفترى يقودونه كأعمى .. يستقظ من غفلتة وتسقط القشور من عينية .. كلنا عندنا القشور دى .. علشان كده يقول الرب يسوع : يا مرائى أخرج أولاً الخشبة من عينيك .. عندئذ تستطيع أن تخرج القذى الذى فى عين أخيك .. تقول لاخوك .. أنت بتعمل كذا ، وكذا .. وأنت فى عينك خشبة كبيرة وعينيك عمياء بالعالم ، مطامع العالم ، وأهوائة و شهواته .. ( أخرج أولاً ) .. أنت شوف نفسك أولاً .. وطلّع الخشبة من عينيك وبكدة تقدر تقدم نصيحة حلوة لاخيك .. تجد عندة قذى صغيرة ( قشة صغيرة ) يمكن أخوك برئ .. أنظر أولاً لنفسك وقدم حساب عن نفسك ثم  أشفق على أخوك ..
 
† اليشع النبى تلميذ أيليا العظيم شعر أن معلمة قاربت أيامه على الانتهاء .. قارب أن يفارقه .. تنبة اليشع للموقف .. قال له معلمه : ماذا تطلب ؟! رد : أثنين من روحك ، الروح اللى عليك يا أبى قوية جداً أنا أريدها مضاعفة .. لاأريد شيئاً إلا روحك القوية .. مجابهتك للملوك رد شعبك لعبادة الله الحى .. وقفتك أمام أخاب الملك .. بل وبختة علانية علىأفعاله الرديئة ، ومطامعة الشريرة .. أغتال حقل الرجل المسكين ( نابوت اليزرعيلى ) أغتال الحقل ولا على بالة .. ظهر حزيناً ومكتئباً وزوجتة تسأل ( مالك حزين ومكتئب ) قال : الراجل اللى أسمة نابوت رفض يعطينى الارض .. يآه قطعة الارض البسيطة دى تطلع اية بجانب كل الاملاك ؟! .. لكن على رأى المثل ( الكعكة فى يد اليتيم عجبة ) .
 
† تماماً ينطبق هذا المثل على المستنقع المجاور لدير العذراء بجبل أسيوط على ( الطريق ) .. أحببنا أن نطلبها من وزارة الزراعة لتكون غابة شجرية موقع للصرف الصحى للدير فى المنطقة الجبلية لكى لاتكون مبعثاً للامراض والاوبئة وللحفاظ على البيئة .. والمستنقع دة لايمكن أزالة المياة منة بأى وسيلة .. لانة محصوراً مابين الجبل والطريق حوالى 12 فدان جبلية .. والقرارات تتكرر من المسئولين ( لازم يتشال كل الشجر ) .. طب نعمل أية فى التلوث فى مدخل الدير والهواء لايمكن أستنشاقة ؟! وتتكرر قصة نايوت ؟ وتتكرر أيضاً قصة داود ؟! هذة قوات أرضية لتعمل ماتشاء .. واما نحن فى يد الرب الذى يسطيع أن يخلصنا من جليات وأمثاله ..
 
† لنرجع الى ايليا وتلميذة اليشع .. أخذ أيليا رداؤه ولفه وضرب ماء الاردن فإنفلق وعبرا  وقال أيليا لاليشع أطلب ماذا أفعل لك ؟ فقال اليشع ليكن لى نصيب أثنين من روحك ياأبى .. فقال له صعبت السؤال .. أن رأيتنى اؤخذ منك يكون لك ماطلبت .. وفيما هما يسيران ويتكلمان .. مركبة نارية وخيل من نار ففصلت بينهما وصعد ايليا فى العاصفة .. واليشع لم يرى ايليا بعد .. ورفع رداء أيليا الذى سقط عنة ورجع ووقف عند الاردن .. وضرب الماء فإنفلق وعبر أليشع .. وعرف الانبياء أن روح أيليا أستقرت على أليشع وأخذ الضعفين من النعمة الالهيه .
 
† ده عمل اللة الكامل .. يأتى يوحنا المعمدان ويقال عنة هو المتقدم .. الصوت الصارخ اللى فى البرية اللى يتقدم أمام المسيح ليعلن مجيئة ورسالته ، ويتقدم أمامه بروح إيليا ..  يعمل إية ؟ يقول توبوا ، ويقول لهم : إنتوا ياأولادى الأفاعى ، إانتوا هتهربوا إزاى من الدينونة ، كان لسانه نارياً ، ولم يقف عند وعظ الشعب .. ونداءاتة بالتوبة .. ، وقف أمام هيرودس الملك .. وبقوة الروح النارى قال : لايحل لك أن تأخذ زوجة أخيك إمرأة لك ، لايحل لك .. وقطع رأسه بسبب الكلمة النارية .. وأحنا عندنا كنيسة فى الزاوية بسيطة للناس الفقراء .. ترجوها من السماء لسنين طويلة .. ” لازال المسئولين يضايقونا” ونقول لهم ” ياناس الحارة دى تعتبر مكان ملحق بالكنيسة .. ومعانا الاوراق من هنا وهناك لايوافقون .. كدة كفاية علشان نخلص ..
 
† يسوع يجئ لابروح يلازمنا لفترات لقضاء مصلحة أو معونة ..، قال: لأ لأ .. روحى يسكن فيكم .. يعنى إحنا أكثر إمتيازاً من العهد القديم ، يلازمنا .. ويقول لنا : لاتخافوا من الشيطان .. بكل حيله الردية .. إبليس الحية القديمة .. النبى الكذاب كل ده ماتخافش ..
 
 † طب وإن وقفتم قدام حكام أو ولاه ؟! .. قال: ماتفكروش فى الكلام فى اللى هاتقوله أبداً .. إقف وأنا هقولك إية الكلام اللى هاترد بيه .. وهكذا تم مع كل الرسل بشجاعة ، بقوة واجهوا كل المقاومات الرديئة .. حباً فى الملك المسيح ، وطاعة للروح السماوية ، لما يواجه بمفردة .. لايستطيع لانه المقاومة شديدة .. قال : أنت حى بالروح الإنسانية الضعيفة .. لكن أنا ها أعطيلك روحى أنا .. العذراء تتسائل لما جاء أليها الملاك تقول .. إزاى يتم الحبل وأنا غير متزوجة .. كيف يكون لى هذا ؟! إزاى يكون لى ولد .. الملاك يقول لها .. “الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلى تظللك لذلك القدوس المولود منك يدعى أبن ألله ” قوة ، قدرة خلاقة لاتستطيع القوة البشرية أن تحطمها .. كيف يحطموها؟ أنتوا شوفتوا الأنوار على قباب ومنارات كنيسة القديس مرقس الرسول .. رأيتم أشراقات النور  اللى أنسكبت على كنيستكم وديركم بجبل أسيوط ولا تزال تنسكب وتظهر فى صور متعددة من حمام وتجليات رائعة  .. شفناها على جدران المنازل المجاورة ، وسطعت على وجوه المصلين .. من إستطاع أن يمسك بها؟! .. من يستطيع أن يمسك بأهداب النور .. أشعة الشمس تقدر تمسكها .. ماتقدرش فما بال خالق هذة الانوار ..
 
† يظهر لك بقدرته ومجده ويملأ كيانك ويشعرك إنك أبن إنك تحيا لا بروحك الانسانية الضعيفة بل بروح الله .. يعنى روح الله فى أعماقك .. ساكن جواك .. قال يسوع :” ها أنا معكم فى الطريق ” .. دة أنا ساهديكم روحى .. بإسم الرب إلهنا والابن مسيحنا المتجسد الذى هو حى بروحه .. هو حى بروحه .. يقول لنا : روحى هاتبقى معاكم وتستقر فيكم أكثر من روح ايليا .. ووقف أمام أخاب بجسارة وحينما أراد أن يغتصب ارض نابوت أليزرعيلى .. قاله آآه .. إنت إغتصبت الآرض وأخذتها .. وعملت محاكمة وقوانين زائفة ودبرتها لك شريكة عُِِمرك (ايزابيل ) .. إيه رأيك المكان الذى لحست الكلاب فيه دم نابوت .. قال وأنت أيضاً سوف تلحس الكلاب دمك ، وصدقت النبوة وأخاب مات فى المعركة الحربية ، وسقط مضجراًً فى دمائه .. واتوا به وجّروه وصارت الكلاب تلحس دمه الذى سال فى المركبة بسبب المعركة ..
 
† كلمات يسوع فى الانجيل فى منتهى الدقة والقوة ، قال : ” لى النقمة أنا أجازى يقول الرب ” بس إنت إرفع قضيتك فى الأعالى ولا تخف وإطمئن دائماً إنك محروس بقوة سماوية .. روح الله الذى سُكب على التلاميذ فى يوم الخمسين .. يعمل أيضاً فى الكنيسة وفى المسيحيين الذين أعتمدوا على أسمه وصاروا أبناء الله .. مسيحيين ينتسبون للمسيح الإله .. قائم وعادل وسوف يستمر يرافق الكنيسة .. فى مسيرتها ومع قديسيها وشهدائها وماضيها وحاضرها ومستقبلها فهو القائم والدائم إلى الابد .. يقول ها أنا حى .. يسوع بيقول كدة .. قد كنت ميتاً فى هذا القبر وها أنا حى إلى ابد الأبدين .. ولى مفتاح الموت والهاوية ، “أين شوكتك ياموت أين غلبتك ياهاوية ” .. مسيحنا هو الإله الحى القدوس الذى لايموت .. ترافقنا نعمته ومحبته وها نحن نصلى إليه ” ابانا الذى فى السموات ……….” أمين .