تفسير سفر أعمال الرسل 10 .. انفتاح عينيّ بطرس الرسول على خدمة الأمم .. رؤيا بطرس الرسول ++ القمص تادرس يعقوب



تفسير سفر أعمال الرسل 10 .. انفتاح عينيّ بطرس الرسول
على خدمة الأمم .. رؤيا بطرس الرسول ++ القمص تادرس يعقوب

 "ثم في الغد فيما هم يسافرون، ويقتربون إلى المدينة، صعد بطرس على السطح ليصلّي نحو الساعة السادسة".

  إذ انطلقت البعثة إلى مدينة يافا التي تبعد حوالي ٣٠ ميلًا عن قيصرية، تحركت السماء لتعلن للقديس بطرس قبيل وصول البعثة التي انطلقت في الصباح المبكر لتصل في وقت الظهيرة (تقطع الخيول المسافة في ٦ ساعات). ظهرت الرؤيا لبطرس الرسول، والبعثة على أبواب البيت. كانوا يسألون عن القديس بطرس، وكأن الأمر يصدر أن يقوم فورًا من الغيبة ليعمد الأمم ويقبلهم في شركة مائدة الرب.

كان تحقيق هذا الأمر فيه صعوبة، فقد حرم الناموس الاختلاط بالأممين مهما كان سلوكهم. كان لابد من أمرٍ إلهيٍ يصدر للرسل عند تحركهم العملي للبدء في خدمة الأممين. لهذا كانت هناك حاجة ملحة إلي رؤيا سماوية للقديس بطرس كي ينطلق إلى بيت كرنيليوس، كما كانت الحاجة أيضًا إلى رؤيا سماوية لحنانيا، كي يذهب إلى شاول الطرسوسي، ويكرز له ويعمده. فبالرغم من النبوات الصريحة والواضحة في العهد القديم برجوع الأمم إلي الله، ومن دعوة السيد المسيح لتلاميذه أن يكرزوا في الخليقة كلها لم يكن ممكنًا التحرك العملي لتحقيق ذلك دون رؤى سماوية في لحظات البدء بالعمل.

لقد صعد بطرس على السطح ليصلي، ووهبه الرب هذه الرؤيا، لكنه لم يكشف له ما حدث في بيت كرنيليوس، ولا عن الرسل القادمين إليه يستدعونه، ولا عما سيحدث في اللقاء مع كرنيليوس؛ إنما جاءت الرؤيا تدفعه للتحرك مع هؤلاء الرسل. فالله يكشف لخدامه قدر ما يناسب الزمن. كان على القديس بطرس أن يتحرك في طاعة للرؤيا، ليرى بعينيه أعمال الله العجيبة التي لم يكن يتوقعها. عليه ألا يسأل عما سيحدث، وإنما أن يثق في عمل الله الفائق، وأن يدرك أن لكل أمرٍ زمن معين لدى الله.

"على السطح": كان الناموس يلزم المؤمنين أن يقيموا سورا يحوط بالسطح حتى لا يسقط أحد. وكان السطح المكشوف أو الحجرة المقامة عليه تعتبر من أفضل الأماكن للخلوة مع الله والصلاة. ولم يكن أحد من الساكنين في المنازل المجاورة أو الذين في الشارع يرى من يجلس أو يركع أو يقف أثناء خلوته على السطح. يرى البعض أن الصلاة على السطح تعطي فرصة أعظم للصلاة، فمن جانب يرى السماء مكشوفة أمامه، فلا ينشغل فكره بالأرضيات، بل يترقب انطلاقه إلى بيته السماوي، متحررًا من كل ما هو أرضي. ومن على السطح يرى نصيبًا كبيرًا من المدينة، فيتحدث مع الله باسم الشعب كله، ويطلب عن إخوته. وعلى السطح لا يسمع أحدًا ولا يسمعه أحد، بل يتحدث في خلوة مع إلهه.

"نحو الساعة السادسة": كان غالبية اليهود يحرصون على الصلاة الصباحية والمسائية، أما الأتقياء فيحرصون على الصلاة في وقت الظهيرة، أي يصلون ثلاث مرات، كما كان دانيال النبي يفعل في السبي (دا 6: 10-13)، وأيضا داود النبي (مز 55: 17). وكان المسيحيون الأوائل يحرصون على هذه الصلوات الثلاث كما يقول القديس إكليمنضس السكندري.

 "فجاع كثيرًا، واشتهى أن يأكل، وبينما هم يهيئون له وقعت عليه غيبة".

"غيبة": تشير إلى حالة للعقل فيها يمتص بالكامل في فكرٍ معينٍ أو أمرٍ ما حيث تبدو الحواس الخارجية كأنها متوقفة جزئيًا أو بالكامل. هي حالة انسحاب للفكر والقلب عما هو منظور أو مسموع لينسحب كيان الإنسان إلى أعماقه .

 وكأن لا شيء حوله، أو كأن النفس قد انطلقت من الجسد، لتعبر إلى جوٍ روحيٍ لا يخضع للحواس البدنية. قيل عن بلعام أنه رأى القدير في رؤيا بينما كان ساقطًا في غيبة (عد 24: 4، 16). والقديس بولس سقط في غيبة وهو في الهيكل (أع 22: 17)، وتكرر الأمر معه (2 كو 12: 2).

جاع القديس بطرس كثيرًا واشتهي أن يأكل، فقدم له السيد المسيح طعامًا يشبع قلوب السمائيين، وهو دخول الأمم إلى الإيمان. لقد جاع السيد المسيح نفسه بعد أن صام أربعين يومًا، وقد طلب الشيطان منه أن يحول الحجارة خبزًا، وقد رفض السيد ذلك، لأنه ترقب هذا اليوم الذي فيه يحول الحجارة البشرية التي صارت صلدة بلا أحاسيس بسبب عبادة الأصنام الحجرية لتصير بالحق طعامًا سماويًا يبهج قلب الله. لقد تحولت الحجارة إلى خبزٍ مشبع، كما تحولت الحجارة إلى أولاد لإبراهيم، كما وعد السيد المسيح بذلك، حين قال أن الله قادر أن يقيم من الحجارة أبناء لإبراهيم.

 ماذا يعني تعبير غيبة ek[ta[ic؟ منظر روحي (ثيؤريا)، فلتقل أن النفس صارت كأنها خارج الجسد. "فرأى السماء مفتوحة..." ++ القديس يوحنا الذهبي الفم

طلب والد يعقوب طعام الكلمة، لأن الإنسان لا يحيا بالخبز وحده، بل بكل كلمة من الله (مت 4:4؛ لو 4: 4). مثل هذا الطعام طلبه اسحق (تك 27: 4). مثل هذا الطعام جاع إليه بطرس عندما رأى العلامات السرية لمستقبل إيمان الأمم ++ القديس أمبروسيوس

 "فرأى السماء مفتوحة، وإناء نازلًا عليه مثل ملاءة عظيمة، مربوطة بأربعة أطراف، ومدلاّة على الأرض".

 اعتاد العهد القديم أن يتحدث عن السماء، وقد انفتحت أبوابها لنزول شيء ما منها، وكأنها قد صارت مغلقة أمام البشرية تنفتح أبوابها لتحقيق رسالة معينة لتبقى مغلقة أمام وجه الإنسان الذي أعطى ظهره لله. وقد جاء كلمة الله المتجسد ليفتح أبواب السماء، بل ويقيم ملكوته داخل الإنسان.

ما أن ارتفع قلب القديس بطرس الرسول إلى السماء حتى انفتحت أبوابها ليتكشف غنى نعمة الله وإحساناته.

إنك ارتفعت إلى السطح مثل الرسول بطرس؛ هذا الذي إذ كان جائعًا بين اليهود أشبع إيمان كرنيليوس جوعه. وكبح الرغبة الجامحة التي سببها عدم إيمانهم خلال تحول قائد المئة والأمميين الآخرين إلى الإيمان. تعلم من الإناء النازل من السماء إلى الأرض بجوانبه الأربعة كرمز للأناجيل الأربعة أن كل البشر يمكن أن يخلصوا. أضف إلى ذلك هذه الملاءة البيضاء الجميلة التي في الرؤيا التي ارتفعت مرة أخرى، كانت رمزًا للكنيسة التي تحمل المؤمنين من الأرض إلى السماء، تأكيدًا أن وعد الرب حتمًا يتحقق: "طوبى للأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله" (مت 5: 8) ++ القديس جيروم

قد يسأل أحد: لماذا ظهرت ملاءة (إناء عظيم على شكل ملاءة) حوت هذه الحيوانات؟ بالتأكيد لم يكن هذا بدون سبب. نحن نعلم أن العث الذي يفسد الثياب الأخرى لا يصيب الملاءة لهذا كل من يرغب أن يبلغ سرّ الكنيسة الجامعة يلزمه أن يستبعد من قلبه فساد الشهوات الشريرة. يلزمه أن يثبت في الإيمان بطريقة لا يمكن إفساده، حتى أنه لا يفسد بالأفكار الشريرة كأنها عث، إن أراد أن يبلغ سرّ تلك الملاءة التي ترمز للكنيسة.

لماذا نزلت من السماء ثلاث مرات إلا لأن كل الأمم الذين ينتمون إلى أربع جهات الأرض حيث تنتشر الكنيسة، يُعمدون باسم الثالوث؟ أُشير إلى الكنيسة في الأركان الأربعة التي تنتمي للإناء، إذ يجدون الذين يؤمن باسم الآب والابن والروح القدس حتى يبلغوا مرافقة القديسين وشركتهم. لهذا فإن أربعة أركان أو اتجاهات العالم والثلاثة ظهورات التي تشير إلى سرّ الثالوث، هذه الحقيقة تشير إلى رقم 12 الذي للرسل، حيث يُبعث ثلاثة إلى الأربعة، فأربعة ثلاث مرات تعادل 12. ولما كان الاثنا عشر رسولًا قد عُينوا للكرازة بسرّ الثالوث في أركان العالم الأربعة، لهذا فإن الأربعة أركان نزلت من السماء ثلاث مرات ++ الأب قيصريوس أسقف آرل

 شاركْ القديس بطرس في هذا النوع من الغيبة عندما كان جوعانًا ومخمورًا في نفس الوقت. كان بطرس جوعانًا قبل أن يُقدم له غذاء المادي، وأراد أن يتذوقه، وبينما كان أعضاء عائلته يجهزون الطعام (أع 10:10) جرب بطرس هذه الغيبة المقدسة الصاحية. وخرج من نفسه بواسطتها ورأى الرؤيا الآتية: "فرأي السماء مفتوحة، وإناءً نازلًا عليه مثل ملاءة عظيمة مربوطة بأربعة أطراف ومدلاة على الأرض. وكان فيها دواب الأرض والوحوش والزحافات وطيور السماء. وصار إليه صوت: قم يا بطرس واذبح وكلْ. فقال بطرس: كلا يا رب لم آكل قط شيئًا دنسًا أو نجسًا. فصار إليه أيضًا صوت ثانية ما طهره اللّه لا تدنسه أنت. وكان هذا على ثلاث مرات" (أع 11:10-15). نتعلم من الصوت الذي ناداه في المرة الأولى أن اللّه الآب هو الذي يُطهر، وفي المرة الثانية أن الابن الوحيد هو الذي يُطهر، وفي المرة الثالثة أن الروح القدس هو الذي يطهر كل شيء. تحدث هذه الغيبة من الخمر الذي يقدمه اللّه لكل من يجلس على مائدته. فالله يُشجع بحق كل من يعيش حياة الفضيلة ويقترب منه، وليس للبعيدين عنه: "كلوا أيها الأصحاب اشربوا، واسكروا أيها الأحياء". "لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميزٍ جسد الرب" (1 كو 29:11) فهو يطلق كلمة "إخوة" على المستحقين لهذا الطعام. "لأن من يصنع مشيئة اللّه هو أخي وأختي وأمي"(مر 35:3) ++ القديس غريغوريوس النيسي

"وكان فيها كل دواب الأرض والوحوش والزحافات وطيور السماء".

كانت هذه الملاءة النازلة من السماء تشير إلى الكنيسة المقدسة، فإن كانت الملاءة لا تضم حيوانات أليفة فحسب بل ووحوش أيضًا؛ لا تضم فقط حيوانات ودواب الأرض بل وطيور السماء، هكذا فإن الكنيسة كجسد المسيح محب كل البشرية يفتح أبواب الإيمان أمام كل الناس، أصحاب الطبائع الهادئة أو الضعيفة، الذين عاشوا وسط وحل الأرض، والذين كانت قلوبهم تشتهي أن تحلق في السماوات... إنه يقيم منهم جميعًا شعبًا مقدسًا متشبهًا بالملائكة. تضم الكنيسة اليهود والأمم، السادة والعبيد، الكبار والصغار، ليس بربري ولا سكيثي (كو 3: 11). تضم شبكة الكنيسة من كل صنفٍ، تقدس الكل، وتقيم من الكل أعضاء متنوعة للجسد الواحد المتناغم معًا.

 "وصار إليه صوت: قم يا بطرس، اذبح وكل".

طلب من القديس بطرس أن يذبح ويأكل دون تمييز بين طاهر ونجس في نظر الناموس، إذ يصير الكل شركاء المسيح في الصليب، يشتهون أن ُيذبحوا معه بروح الحب والبذل، فيصير الكل مقدسين فيه، لأنه هو قدوس. كان الأكل يميز بين اليهودي والأممي، فاليهودي لا يأكل ما نجس حسب الناموس، ولا يشارك أيضا الأممي في أطعمته المقدمة للأوثان.

لم يظهر للقديس بطرس ملاك من السماء، بل سمع الصوت الإلهي نفسه يدعوه أن يذبح ويأكل. فالأمر جد خطير، ويصعب تصديقه، لذلك تحدث الرب نفسه مع بطرس، كما هو واضح من إجابة القديس بطرس نفسه.

واضح أن الناموس نفسه خلال العالم كله له أربعة أركان: الشرق والغرب والجنوب والشمال، كما يقول الكتاب. ولهذا فإن الإناء الذي حوى كل الحيوانات الرمزيّة الذي أُعلن لبطرس عندما قيل له: "اذبح وكلْ"  لكي يظهر أنه يلزم أن يؤمن الأمم، ويدخلوا في جسد الكنيسة، كما يدخل في جسمنا ما نأكله، وأن هذا الإناء كان نازلًا من السماء بأربعة أركان، مظهرًا أن العالم كله حتمًا سيؤمن ++ القديس أغسطينوس

عندما قيل لبطرس: "اذبح وكُل"، يشير هذا إلى الكنيسة الجامعة أن تذبح أولًا ثم تأكل كل من يؤمنوا بالمسيح. بمعنى آخر، يُذبح عدم الإيمان حتى يُغرس الإيمان. إذ لا يستطيع أحد أن يؤمن بالمسيح ما لم يمت أولًا. وكما يقول الرسول: "قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله" (كو 3: 3) ++ الأب قيصريوس أسقف آرل

 "فقال بطرس:  كلاّ يا رب، لأني لم آكل قط شيئًا دنسًا أو نجسًا".

في البداية رفض بطرس أن يأكل، لأنه حسب أن المواعيد الإلهية والبركات السماوية الطاهرة لا تُقدم للأمم الأنجاس، إذ كانوا في عينيه بلا إلهن وليسوا من رعوية إسرائيل!

 ما هو الفرق بين الدنس والنجس؟

الدنس هو الشيء الذي لا يُكرس لله، فمن يعبد آلهة غريبة غير الله فبحسب ناموس موسى يُحسب دنسًا. في الأصل اليوناني معناه "عمومي" أو "عام"، أي ليس مخصصًا لله. لذلك يتطلع اليهود إلى كل الأمم أنهم دنسون. أما النجس فهو ما لم يتطهر. فاليهودي متى لمس ميتًا يُحسب نجسًا حتى المساء، حيث يستحم ويتطهر. والأوزة التي يذبحها آخر غير الحاخام نجسة لا تؤكل، أما إذا ذبحها حاخام وصفى دمها، فتُحسب حلالًا وطاهرة.

فالرسول بطرس كسائر اليهود يتطلع إلى الأمم ليس كأنجاس يحتاجون إلى تطهير، كما يتنجس أي يهودي فيتطهر، وإنما كأدناس غرباء عن الله لا يمكن تطهيرهم.

يميز العهد القديم بين الحيوانات الطاهرة وغير الطاهرة (لا 11: 2- 27؛ تث 14: 3-20). لم يكسر القديس بطرس قط هذا المبدأ. الآن قد حان الوقت لتحقيق الناموس، لا في حرفيته القاتلة، بل بالروح المحيي، فإن لهذه الشرائع مفاهيمها الروحية، وقد سبق لنا توضيحها أثناء تفسير سفري العدد والتثنية.

 "فصار إليه أيضًا صوت ثانية: ما طهره اللَّه، لا تُدنسه أنت".

 ماذا يقصد بالقول: ما طهره الله؟ ما أعلن الله عنه أنه طاهر، أو ما يأمرك به الله أن تفعله، فإنه حتمًا لا يكون دنسًا ولا خطأ. ما كان لديك في فكرك من تمييز بين ما هو طاهر وما هو غير طاهر يقوم على التفسير الحرفي كبعض الشرائع في الناموس. الآن لتحمل فكرًا روحيًا، لترى ما هو طاهر وما هو دنس، ليس بمنظار ناموسي حرفي، فترى الأمم دنسين. الآن يدعون لنوال ذات الإحسانات والبركات التي يقدمها لله لليهود. لقد انشق الحجاب الحاجز بين الفريقين، ودُعي العالم كله للشركة معًا والتمتع بإنجيلٍ واحدٍ وإيمانٍ واحدٍ (أف 2: 14؛ غل 3: 28). الآن يلزم إعادة النظر في فهم الشرائع الناموسية بعد انهيار الحجاب الحاجز.

لقد كان بين اليهود والأمم حائط، فيظن اليهود أنهم وحدهم لهم نصيب في هيكل الرب، وأن الآخرين مرذولون. لقد جاء حجر الزاوية الذي يضم بالحق الحائطين معًا في الهيكل الجديد.

في حديث القديس إكليمنضس السكندري عن "الطعام" يعلق على هذه العبارة، قائلًا: اليس هناك اعتبار لما نستخدمه من هذه الأشياء (الأطعمة)، إذ تتساوي كلها، "لأنه ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان..." أكلة من البقول حيث تكون المحبة خير من ثور معلوف ومعه بغضة" (أم 15: 17)... البقول والأعشاب ليست هي المحبة، بل ما يجب علينا هو أن نتناول وجباتنا بالمحبة، وذلك ما نقصده بالأغابي أو وليمة المحبة. في هذا من الأفضل إتباع الاعتدال في الأمور... فإن الإفراط (في الأكل) فيه خطورة، والمغالاة (في الصوم) مكروه، وأما اختيار الوسط في الأمور فجيد .

 "وكان هذا على ثلاث مرات، ثم ارتفع الإناء أيضًا إلى السماء".

  لعل الملاءة التي نزلت من السماء كانت ترتفع وتنزل مع الصوت الذي تكرر ثلاث مرات، وكأن كنيسة المسيح تتمتع بالبنوة لله القدوس، لكي يصير كل مؤمن حقيقي مقدسًا وطاهرًا في الرب خلال مياه المعمودية وعمل الروح القدس، وذلك بالعماد بالتغطيس باسم الثالوث القدوس. يصر الله على إعلان إبداع حبه للأمم، فإنهم إذ يؤمنون يتطهرون بالمعمودية ويصيرون أبناء الله.

ارتفعت الملاءة (الإناء) إلى السماء. فما لم يقبله بطرس ويخشى أن يتنجس ويتدنس إذا بالسماء تقبله. صارت التي ليست بمحبوبة محبوبة لدى الله، والتي ليست شعبه شعبه (رو 9: 25).

إذن تشير الملاءة إلى الأرض، والوحوش التي فيها هم من الأمم، والأمر "اذبح وكُلْ" يشير إلى الالتزام بالذهاب إليهم أيضًا، وقد تكرر ثلاث مرات إشارة إلى المعمودية +++ القديس يوحنا الذهبي الفم