تفسير سفر طوبيا 4 ++ الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا



تفسير سفر طوبيا 4 ++ الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا

أولًا: الوصايا نحو والديه
ثانيًا: وصاياه نحو المجتمع
ثانيًا: كيف تنجي من الموت؟
ثالثًا: الوصايا نحو ابنه

 في هذا الإصحاح نجد أن طوبيا الذي شعر بأن طلبته قد سُمعت، وصلاته قد قُبلت. استدعى ابنه لكي يوصيه ببعض الوصايا، ونرى أن هذه العادة- اعطاء بعض الوصايا للأبناء لكي تساعدهم في السلوك أمام الله- كانت منتشرة قديمًا. فإلهنا يقول عن إبراهيم أب الآباء: "لأني عَرَفْتَهُ لكي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب ليعملوا برًا وعدلًا لكي يأتي الرب لإبراهيم بما تكلم به (تك 18: 19)".
وداود الملك أوصى ابنه سليمان ( 1مل 2، 1)، وسليمان بدوره يوصي كل نفس تأتي من بعده، من خلال سفر الأمثال، لكي نسلك في الطريق الروحي، وإلهنا يعاقب بيت عالي الكاهن لأنه لم يشدد على أولاده، لكي يسلكوا أمامه كما يحق بالدعوة التي دعوا إليها. وقال له: "لماذا تدوسون ذبيحتي وتقدمتي.. وتكرم بنيك عليّ لكي تسمنوا أنفسكم.. والأن يقول الرب فإني أكرم الذين يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون، هوذا تأتي أيام أقطع فيها ذراعك وذراع بيت أبيك حتى لا يكون شيخ في بيتك (1 صم 2: 29- 33)".
 ونجد أباءنا الرسل يوصون أولادهم، وتلاميذهم من بعدهم أيضًا فعلى سبيل المثال رسائل القديس بولس الرسول إلى تيموثاوس وتيطس ورسائل القديس يوحنا الحبيب.

 فنجد طوبيا يشدد على ابنه ويعطيه بعضًا من الوصايا وهي تنقسم إلى الآتي:

1- وصايا نحو والديِّه.
2- وصايا نحو المجتمع والناس المحيطين به.
3- وصايا نحو نفسه وعلاقته بالله.

 أولًا: الوصايا نحو والديه (طو 4: 3، 5):

وهي تنقسم إلى الآتي:

1- الاهتمام بدفنه بعد موته. ونلاحظ هذه الوصية في كلام يعقوب أبي الأسباط ليوسف ابنه، وفي كلام يوسف الصديق لأخوته.

2- الإهتمام بوالدته من بعده، وإكرامها كل أيام حياتها، ويذكره بمدى تعبها من أجله. يا للعجب مِنْ هذا الرجل القديس. الذي سمع تعييره منها. لا يقول في حقها كلمة سوء أمام أبنها. أو يحاول أن يجتذبه في صفه ضد أمه. بل يعطيها كل كرامتها، وحقوقها أمام ابنها ويذكره بإيجابيات حياتها، ومدى بذلها من أجله!!!

فهل لنا القدرة على أن نعي هذا الدرس؟

 وهو لا يكتفي بهذا فقط، وإنما يشدد على دفنها بجواره متى استوفت زمان حياتها. فهو لا يريد أن يفرق الموت بين جسديّهما. هذا المنظر الجميل اضعه أمام كل زوج وزوجته يريدان أن ينفصلا عن بعضهما البعض، بسبب بعض المشاكل التي تسببها ظروف الحياة. فمع أنه أتهمها بالسرقة، وهي عيرته بعجزه مما سبب لهما ألآمًا نفسية شديدة. فهما يتجاوزان كل ذلك، لأنهما يعيا جيدًا أنهما أصبحا جسدًا واحدًا. وما جمعه الله لا يفرقه إنسان (تك2: 24، مت19: 5). وهذا المنظر- دفن الآباء والأمهات جنبًا إلى جنب نجده في حياة أباءنا الأولين مثل إبراهيم (تك25: 10). وأسحق ويعقوب (تك 49: 29- 31، 50: 13) ويهوديت (يهو 16: 28).

 ثانيًا: وصاياه نحو المجتمع:

في هذه الفقرة نجد تطابق شديد بين عظة السيد المسيح على الجبل ووصايا طوبيا لأبنه. فنجد طوبيا يوصي ابنه ببعض الوصايا نحو المجتمع المحيط به: منها أكرام الشيوخ وطلب مشورتهم. وإعطاء أجرة الأجير في حينها، ومعاملة الناس كما يريد أن يعاملوه هو أيضًا، ويُشدد جدًا على فضيلتي الرحمة والصدقة، وينبهه أنه عندما لا يحول وجهه عن الفقير فحينئذ وجه الله لا يحول عنه، ويُعلمه مبدأً هامًا في حياته، وهو عندما يكون معه الكثير، يتصدق بالكثير، وإن كان لديه القليل، فيتصدق منه بنفس راضية ويضع أمامه نتيجة الرحمة والصدقة، وهي أجمل ما قيل عنهما في الكتاب المقدس. ففضيلة الرحمة هي إحدى صفات الله وهو يطالبنا بها. حيث يقول في عظته على الجبل: "كونوا رحماء كما أن أباكم رحيم (لو6: 36)".

فنتيجة الرحمة والصدقة كما أعلنهما طوبيا لأبنه هي: "الصدقة تنجي من كل خطية. ومن الموت. ولا تدع النفس تصير إلى الظلمة (طو 4: 11)"

ولكن كيف َمنْ يسلك بهذه الفضيلة، ان تنجيه من الخطية، ومن الموت، ولا تدع نفسه تصير إلى الظلمة؟!

عادة أية فضيلة تبدأ من داخل الإنسان بسبب حبه لها، أو بسبب أي دوافع خارجية ولكن عندما يستمر فيها، وتتأصل فيه، تكون نتيجة واحدة. فنتيجة الصدقة هي حب الناس. ولذلك نعطف عليهم. أو من كثرة شفقتنا وعطفنا عليهم فنحبهم. والقديس بولس الرسول يقول عن المحبة: "المحبة تتأنى وترفق. المحبة لا تحسد، المحبة لا تتفاخر، ولا تنتفخ ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء (1 كو13: 4- 17)"، وعندما تصل إلى هذه المحبة الكاملة بالتالي تنجو من الخطايا السالفة التي لا تتفق مع المحبة. وبذلك الصدقة تنجينا من الخطية.

 ثانيًا: كيف تنجي من الموت؟

اضَع أمامك بعض المواقف من الكتاب المقدس لكي تكتشف ذلك بنفسك. ففي أحد أيام حُكم أخاب على إسرائيل. أمر الرب إيليا النبي أن ينزل من جبل الكرمل إلى صرفة صيدا، حيث أمر هناك امرأة أرمله لكي تعوله. فأطاع إيليا، ونزل ولكنه فوجئ بالمرأة التي سوف تعوله أنها معدمة وكانت تجمع بعض العشب، فقال لها "أعطيني لأشرب" فذهبت لتستقي له ماء. فناداها مرة أخرى قائلًا: "هاتي لي كسرة خبز في يدك" فقالت له "حي هو الرب إلهك إنه ليست عندي كعكة ولكن ملء كف من الدقيق في الكوار. وقليل من الزيت في الكوز، وهأنذا أقش عودين لآتي وأعمله لي ولأبني لنأكله ثم نموت" فقال لها إيليا "لا تخافي ادخلي وأعملي كقولك، ولكن أعملي لي منها كعكة صغيرة أولًا. واخرجي بها إليّ ثم أعملي لك ولأبنك أخيرًا، لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل: إن كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت لا ينقص إلى اليوم الذي فيه يعطي الرب مطرًا على وجه الأرض".

 فأطاعت.. يا للعجب من هذه المرأة الأممية التي صدقت، وآمنت، وأطاعت سريعًا عندما علمت أن الكلام خارج من فم إله إسرائيل. أما نحن فكثيرًا ما نعصى ولا نعطي أذنًا صاغية للكلام. ونسير حسّب أهوائنا وميولنا. وأما إيليا فظل مقيمًا عندها وهي تعوله.
وفي أحد الأيام مرض ابن هذه الأرملة، واشتد مرضه جدًا حتى لم تبق به نسمة، فعاتبت إيليا النبي قائلة "مالي ومالك يا رجل الله، هل جئت إليّ لتذكير إثمي وإماته ابني". فقال لها "أعطيني أبنك" وأخذه من حضنها وصعد به إلى العلية التي كان مقيمًا بها وأضجعه على سريره وصرخ إلى الرب وقال "أيها الرب إلهي أأيضًا إلى الأرملة التي أنا نازل عندها قد أسأت بإماتتك ابنها" وتمدد على الولد ثلاث مرات، وصرخ إلى الرب وقال "يا رب الهي لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه" فسمع الرب لصوت إيليا، فرجعت نفس الولد إلى جوفه فعاش، فأخذ إيليا الولد ونزل به من العلية ودفعه إلى أمة قائلًا لها انظري ابنك حي (سفر الملوك الأول 17: 8-14)".

 ونلاحظ هنا أنه قد شدد في صلاته أمام الرب على أن أم الصبي تعوله وتخدمه قائلًا له " أأيضًا إلى الأرملة التي أنا نازل عندها قد أسأت بإماتتك ابنها" فهنا أعتمد إيليا في صلاته على رحمتها به، وخدمتها له، وصدقتها المقدمة إليه. وإن كانت اعتذرت في البداية قائلة له: "ليس عندها شيء جاهز للأكل، والذي لديها لا يكفيه، ولكنها تراجعت وقدمت إليه كعكة صغيرة ساخنة.

والموقف الثاني حدث مع تلميذه أليشع، عندما كان يتردد على منزل المرأة الشونمية، فكانت تقدم له خبزًا ليأكل، وماءً ليشرب، ولم تكتفي بهذا فقط، بل قامت ببناء علية لكي يستريح بها عندما يمر عليهم. فقال أليشع لتلميذه جيحزي: "ماذا يصنع لهذه المرأة مقابل كل تعبها معنا". فأجاب قائلًا "أنه ليس لها ابن ورجلها قد شاخ" فدعا أليشع المرأة وقال لها "في هذا الميعاد نحو زمان الحياة تحتضنين أبنًا" فحبلت وولدت أبنًا كما قال لها... وفي أحد الأيام وقفت هذه المرأة أمام أليشع النبي. فشعر بمرارة نفسها، وعاتبته قائلة: "هل طلبت أبنًا من سيدي ألم أقل لا تخدعني" وطلبت منه أن يذهب معها، وقالت له: حي هو الرب وحية هي نفسك إنني لا أتركك. فقام وتبعها ودخل معها البيت، فوجد الصبي ميتًا ومضطجعًا على سريره، فدخل وأغلق الباب خلفه وصلى إلى الرب، فأستجاب له الرب وقام الولد. فدعا جيحزي قائلًا: "أدع هذه الشونمية". فدعاها ولما دخلت إليه قال: "احملي ابنك". فأتت وسقطت على رجليه. وسجدت إلى الأرض.
 ثم حملت ابنها وخرجت (2 مل 4: 8-37) .أليس بسبب صدقتها واهتمامها به قد وهب لها هذا الولد، وعندما فارق الحياة قام بصلواته من بين الأموات.

 ولمْ يحدث هذا-أي الإقامة من الأموات بسبب الصدقة- في العهد القديم فقط، وإنما في العهد الجديد أيضًا. ويشرح ذلك القديس لوقا في سفر الأعمال (أع 9: 31- 42) قائلًا: في أحد الأيام التي كان فيها بطرس مقيمًا في لدة، وجد رجلين من يافا يطلبان منه بإلحاح لكي ينزل معهم عاجلًا، فقام وذهب معهم. وإذا بالبيت الذين يدخلونه صوت بكاء وعويل، وعندما أدخلوه العلية وجد إنسانة يقال لها طابيثا. والتي تعني غزاله. مائتة. وفيما هو يتفرس في هذا المنظر، وجد بعض الأرامل وهن يرينه بعض الأقمصة. والثياب مما كانت تتصدق به لهن طابيثا وهي معهن. لأنها كانت إنسانة ممتلئة أعمالًا صالحة وإحسانات. فأخرج بطرس الجميع خارجًا وجثى على ركبتيه. وصلى. ثم التفت إلى الجسد المدد وقال: "يا طبيثا قومي" ففتحت عينيها. ولما أبصرت القديس بطرس الرسول جلست، فناولها يده وأقامها، ثم نادى القديسين والأرامل وأحضرها حية.

وهكذا أتضح لنا أن الصدقة ليست تنجي من الموت فقط، ولكنها قادرة أيضًا على الإقامة من بين الأموات، ولذلك قال المرتل: "طوبى للذي ينظر إلى المسكين في يوم الشر ينجيه الرب، الرب يحفظه وينجيه، يغتبط في الأرض ولا يسلمه إلى مرام أعدائه، الرب يعضده وهو على فراش الضعف مهدت مضجعه كله في مرضه (مز41: 1- 3)"، ولذلك يطلب منا سليمان الحكيم قائلًا: "أرْم خبزك على وجه المياه، فإنك تجده بعد أيام كثيرة. أعط نصيب السبعة والثمانية أيضًا، لأنك لست تعلم أي شر يكون على الأرض (جا 11: 1، 2)".

 فالصدقة قادرة أن تنجي من الموت الروحي أيضًا، لأنها عادة تجعل القلب مرهف الحس ومن خلال هذا الحس المرهف، يشعر الإنسان بأية خطية تصدر منه، ويقدم عنها توبه، ويستجيب لعمل الروح القدس ولصوت السيد المسيح الصارخ في داخله، وبذلك ينجو من الموت الروحي، الذي قال عنه يوحنا الحبيب: "مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى- المقصود بها القيامة من الموت الروحي وذلك من خلال التوبة عن الخطية- هؤلاء ليس للموت الثاني- وهو الجحيم (رؤ 20: 14، 21: 8)- سلطان عليهم (رؤ 20: 6)".
 والسيد المسيح يشرح ذلك بالتفصيل قائل: "الحق الحق أقول لكم أن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة. الحق، الحق أقول لكم إنه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات- أي الأموات بالخطية- صوت ابن الله والسامعون يحيون... لا تتعجبوا من هذا فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة (يو5: 24- 29)". ولهذا يَعِد مَنْ يغلب في الحياة الروحية أن الموت الثاني لا يؤذيه (رؤ 2: 11).

فلذا الصدقة لا تدع النفس تصير إلى الظلمة، ولكي أوضح ذلك أقدم هذا الحدث، في أحد الأيام عندما كان كرنيليوس قائد المئة الروماني يصلي كعادته- ولم يكن قد آمن بالمسيح بعد- رأى ملاكًا من الله داخلًا إليه وقائلًا له: "صلواتك وصدقاتك صعدت تذكارًا أمام الله. والأن أرسل إلى يافا رجالًا، واستدع سمعان الملقب بطرس، وهو يقول لك ماذا ينبغي أن تفعل" فأطاع... وجاء بطرس وكلمه عن الإيمان بيسوع المسيح الطريق الوحيد للخلاص (أع 4: 12). لأن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا. فآمن كرنيليوس بالمسيح، واعتمد حالًا لأنه أدرك جيدًا أن من لم يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله (يو 3: 5). وهكذا أنقذ كرنيليوس نفسه من الظلمة والهلاك الأبدي (أع 10: الخ)، وبما أن الصدقة تنجينا من الخطية ومن الموت الروحي عن طريق التوبة، فمن الطبيعي أن تنجينا من الظلمة بقوة المسيح.

ولذلك تشدد الكنيسة على الصدقة وتنبهنا إلى هذا يوميًا، حيث تصلي الإنجيل القائل: "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت، بيعوا مالكم وأعطوا صدقة، واعملوا لكم أكياسًا لا تبلى وكنزًا لا ينفذ في السموات حيث لا يقرب سارق ولا يبلى سوس (لو 12: 32- 48)". في صلاة الخدمة الثالثة من نصف الليل وإذا قد أتضح لنا جيدًا أهمية الصدقة، فيا ليتنا لا نبخل على المسكين لأن من يرحمه يقرض الرب (أم 19: 17)، ولا تتشكك في من نعطي لأن السيد المسيح أوصانا قائلًا: "وكل من سألك فأعطه، ومن أخذ الذي لك فلا تطالبه"(لو 6: 30).

 ثالثًا: الوصايا نحو ابنه:

ونجد هنا طوبيا يوصي ابنه، وكل من يريد أن يسمع إليه، بأن يُمّلِك الله على قلبه (طو 4: 6)، حيث أن القلب مركز المشاعر والاحاسيس والعواطف. ومكان استعلان الله في الإنسان حيث تسكن كلمته. وبالتالي لا يرضى بالخطية ولا يتحدى وصايا الله، ويحذره أيضًا من الزنى والكبرياء (طو4: 12- 14).
والقديس أغسطينوس يُعَرِفْ الكبرياء قائلًا: "الكبرياء هي أن يحب الانسان في ذاته ما يمتاز به عن سواه"والحكيم يشوع بن سيراخ يؤكد قول طوبيا من حيث أن الكبرياء مبدأ كل هلاك ويشرح ذلك قائلًا: "بدء كبرياء الإنسان هو الابتعاد عن الرب إذ يرجع قلبه عن صانعه، لأن بدء الخطية هو الكبرياء ومن رسخت فيه فاض أرجاسًا ولذلك أنزل الرب بالمتكبرين بلايا غريبة ودمرهم تدميرًا (سي 10: 14- 16)". وكما بدأ طوبيا وصيته بالعلاقة مع الله، هكذا نجده يختتمها بأن يبارك الرب في كل حين ويسترشد بأقواله (طو 4: 20).

وأخيرًا يُعْلِمَهُ بدين غابليوس. ويطلب منه استرداده (طو 4: 21، 22)، وينبهه إلى إنه حتى لو لم يستطع أن يسترد المال، وعاش عيشه الفقراء سيكون لهم خير عظيم إذا أتقوا الله، وابتعدوا عن الخطية وفعلوا الخير، وهذا ما يؤكده يعقوب الرسول قائلًا: "أما أختار الرب فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه (يع 2: 5)"، ولهذا نجد القديس بولس الرسول وهو يظهر نفسه ضمن خدام الله الذين بلا عثرة، ولا تلام الخدمة بسببهم يقول: "كفقراء ونحن نغني كثيرين، كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء- من خلال الإيمان بالسيد المسيح لأن كل شيء مستطاع للمؤمن (2 كو 6: 10)". ونجد السيد المسيح يؤكد ذلك بقوله لملاك كنيسة سميرنا "أنا أعرف أعمالك وضيقتك وفقرك مع أنك غني (رؤ 2: 9)".