من اقوال القديس مقاريوس الكبير
يا أولادي، كل مَنْ يسمع التأديب ولا يقبله ولا يعمل به، فهو خاسر نفسه، ويُصبح معذَّب النفس دائمًا، لا يهدأ له سرٌّ أبدًا، ويصير غضوبًا حزينًا كئيبًا مهمومًا مغمومًا كثير الأفكار، تُطالبه نفسه بعمل الشر وبالكلام الرديء، لأنّ الأدب هو مثل طريق الملك التي عليها الحرّاس يحرسونها نهارًا وليلًا، فكل مَنْ يسلكها بالنهار أو بالليل يكون آمنًا على نفسه! أمّا الجهالة وقلة السمع والإعجاب بالنفس فهي طريقٌ وعرة غير مسلوكة، وكل مَنْ مشى فيها ضلّ وتعب وربما هلك، لأنّ موطن اللصوص هناك! وكل مَنْ مشى في الطريق المسلوكة واتفق أن عثر في أمرٍ أو عارضٍ كان عُذره مبسوطًا وعلاجه حاضرًا، أمّا مَنْ ترك عنه طريق الملك واختار أن يسير في الطريق الوعرة، فلا عُذر له ولا علاج.
لا ترتبط بصداقةٍ مع أي إنسانٍ إلاّ مع إخوتك الفقراء، لا تُسرع نحو أي إنسان لكي يعمل لك خيرًا، بل أسرع إلى الله وحده واهتم بخدمته، إنه هو الذي يضمّك في أحشاء أبوّته. أما أنت فاحترس من الدالَّة مع الناس ولا تكن دالَّتك كلها إلاّ بينك وبين الله. لا تُسرع نحو أي إنسانٍ لكي تستمتع بالراحة في دالَّتك معه، لا تكن لك دالَّة على مسكنه، ولا تمكث عنده دون أن تتلقّى أمرًا بذلك حتى لا تكون ثقيلًا عليه. يا أخي، إذا أردتَ أن تكون في راحةٍ كل حياتك، وأن تكون أفكارك متحدةً بالله كل ساعةٍ، اِحترس من الدالَّة مع الناس. إذا أتى إليك أخوك حسب الجسد ولم تُرد أنت أن تصدّه، فخذه وسلِّمه ليديّ أخٍ آخر حيث يجد في قلوب الإخوة راحةً له لأنها قلوبٌ مخلصة، أما أنت فامكث في مسكنك حتى لا تفقد كنوز غناك.