من كتاب الرحمة والترف، للقديس يوحنا ذهبي الفم ++ المقدس يوسف حبيب
إننا إلى الآن لا نبحث عن الأشياء التي هي بعد الزمن الحاضر فلا زلنا نشتاق إلى الأمور التي ترى -الزمنية- ولا نتوق إلى التي لا ترى -الأبدية-.. إلى مائدة الفقراء يكون المسيح جالسا، والى المائدة الأخرى أناس جلوس. الأولى لها السيد وللأخرى الخدام
وإذا ندع هذه الأمور الآن لنرى آية واحدة منها لها النصيب الأكثر من اللذة الحاضرة. أنه بالنسبة لهذا أيضا فالأولى لها قسط أعظم، لأن الجلوس مع الملك له بهجة أكثر من الجلوس مع خدامه. في الأولى له أن يسمع ويرى كل شيء بحرية وبارتياح وفرح في المحبة الروحية.. أما الآخرون فيتضايقون ويخافون ويخزون أمام الذين يجلسون معهم من الكبراء والعظماء. وكأنهم أمام سادة ويخشى بأسهم.
لكن يقول أحد أن الشرف لعظيم. كلا، بل الآخرون في شرف أكثر، لأن حياة الأولين الوضيعة تظهر بالأكثر، حتى وهم مشتركون في نفس المائدة أيضا، الكلمات أتى ينطقون بها كلمات عبيد، لأن العبد يظهر هكذا أكثر وضوحًا من أي وقت حينما يجلس مع سيده، لأنه في مكان لا يحب أن يكون فيه، وليس له أيضا من جراء هذه القربى كرامة كثيرة بقدر ما له من الذلة.. لأن الوضيع حينما يكون قريبا من المتعالي يظهر وضيعا أكثر لأن المقارنة تجعله كذلك ولن يظهر أعلى مما هو عليه.
نتبيَّن في هذين الأمرين إذن الأفضلية،الأفضلية في الحرية وفي الشرف الذي لا يعادله شيء، لأن لقمة يابسة مع الحرية أفضل من آلاف اللذات مع العبودية، والكتاب المقدس يقول: "أكلة من البقول حيث تكون المحبة خير من ثور معلوف ومعه بغضة" أم 15: 17، لأنه مهما قال الكبير في هؤلاء يلزم على الحاضرين أن يمتدحوه، هم في درجة المتطفلين، أو بالحري منهم، لأن المتطفلين بالحقيقة هم في خزي ومهانة.
أن كثرة الأطعمة الفاخرة تبيد بالاهتمام الذي يسبقها وقد يلحقنا بسببها التخمة وهذه تهدم أجسادنا وتتلفها.
ويضار الإنسان بالتخمة أكثر مما بالجوع، فالجوع يمكن أن نتحمله بسهولة أكثر من التخمة، نستطيع أن نتحمل الجوع لمدة طويلة، أما التخمة فلها آثار سيئة على أجسادنا. ونرى سكان الريف الذين يجاهدون بصفة مستمرة أصحاء لا يحتاجون إلى أطباء
ويضار الإنسان بالتخمة أكثر مما بالجوع، فالجوع يمكن أن نتحمله بسهولة أكثر من التخمة، نستطيع أن نتحمل الجوع لمدة طويلة، أما التخمة فلها آثار سيئة على أجسادنا. ونرى سكان الريف الذين يجاهدون بصفة مستمرة أصحاء لا يحتاجون إلى أطباء
الشرف خير من العار، والحرية خير من الخضوع، وثقة الرجل خير من الخوف. واذا كان التمتع بما هو كاف خير من الانغماس في تيار الترف، فلذلك تكون هذه المائدة أفضل من الأخرى.
نسمع في ولائم الأغنياء أصوات المزمار والقيثارات والأعواد، أما هنا فلا توجد أصوات غير لائقة، لكن تراتيل وترانيم ومزامير. هناك بالحقيقة يرتلون للشياطين، أما هنا فلسيد الكل، الله تعالى. ترى بأي عرفان للجميل تمتلئ الواحدة وبأي نكران وجحود تمتلئ الأخرى؟ نعم فحينما يكون الله قد غذاك بخيراته تقدم لجلاله الشكر وتقول: "مبارك أنت يا رب لأنك غذيتنى بخيراتك".
هناك مسرات الدنس والضحك الخليع والسكر والمجون والكلام القبيح، وأما هنا فيغلب حب الإنسانية والعطف والوداعة والتعفف.
هناك القساوة عن طريق الظلم والخطف وقد تنتهى إلى اختلال الوعى والهذر وسائر مخلفات المجد الباطل، أما هنا فيطيب تقديم الشكر والمجد لله.
أن الذي يرحم الفقراء ويجلسهم إلى مائدته ينجيه الرب من الشدائد والضيقات في هذا الدهر ويخلصه من العذاب الأبدي في الدهر الآتى حينما ياتى ليدين المسكونة بالعدل ويجازى كل واحد حسب أعماله. الأولون يدخلون إلى الفرح بعدما يسمعون أمام العالم أجمع، "لأنى جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني كنت غريبا فآويتموني"
متى 25: 35. أما الآخرون فيسمعون العكس، العبد الشرير الكسلان، وأيضا ويل لكم أيها "الْمُضْطَجِعُونَ عَلَى أَسِرَّةٍ مِنَ الْعَاجِ، وَالْمُتَمَدِّدُونَ عَلَى فُرُشِهِمْ، وَالآكِلُونَ خِرَافًا مِنَ الْغَنَمِ، وَعُجُولًا مِنْ وَسَطِ الصِّيَرةِ، الْهَاذِرُونَ مَعَ صَوْتِ الرَّبَابِ، الْمُخْتَرِعُونَ لأَنْفُسِهِمْ آلاَتِ الْغِنَاءِ كَدَاوُدَ، الشَّارِبُونَ مِنْ كُؤُوسِ الْخَمْرِ، وَالَّذِينَ يَدَّهِنُونَ بِأَفْضَلِ الأَدْهَانِ وَلاَ يَغْتَمُّونَ عَلَى انْسِحَاقِ يُوسُفَ" (سفر عاموس 6: 4-6).
هناك القساوة عن طريق الظلم والخطف وقد تنتهى إلى اختلال الوعى والهذر وسائر مخلفات المجد الباطل، أما هنا فيطيب تقديم الشكر والمجد لله.
أن الذي يرحم الفقراء ويجلسهم إلى مائدته ينجيه الرب من الشدائد والضيقات في هذا الدهر ويخلصه من العذاب الأبدي في الدهر الآتى حينما ياتى ليدين المسكونة بالعدل ويجازى كل واحد حسب أعماله. الأولون يدخلون إلى الفرح بعدما يسمعون أمام العالم أجمع، "لأنى جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني كنت غريبا فآويتموني"
متى 25: 35. أما الآخرون فيسمعون العكس، العبد الشرير الكسلان، وأيضا ويل لكم أيها "الْمُضْطَجِعُونَ عَلَى أَسِرَّةٍ مِنَ الْعَاجِ، وَالْمُتَمَدِّدُونَ عَلَى فُرُشِهِمْ، وَالآكِلُونَ خِرَافًا مِنَ الْغَنَمِ، وَعُجُولًا مِنْ وَسَطِ الصِّيَرةِ، الْهَاذِرُونَ مَعَ صَوْتِ الرَّبَابِ، الْمُخْتَرِعُونَ لأَنْفُسِهِمْ آلاَتِ الْغِنَاءِ كَدَاوُدَ، الشَّارِبُونَ مِنْ كُؤُوسِ الْخَمْرِ، وَالَّذِينَ يَدَّهِنُونَ بِأَفْضَلِ الأَدْهَانِ وَلاَ يَغْتَمُّونَ عَلَى انْسِحَاقِ يُوسُفَ" (سفر عاموس 6: 4-6).
وقد يقول قائل أنى أريد أن أتخذ بعض الأصدقاء لكن مثل هذا الإنسان فأنه ليس أتفه من الرجال الذين يصيرون أصدقاء عن طريق المائدة والتخمة.. أما موائد الفقراء فلا توثق عرى الصداقة مع الناس بل مع الله. أنها صداقة متينة، فأهتم أن توطدها.
لنحيا إذن لمجد الله، ونعمل الأمور التي ترضيه لكي نحسب مستحقين للخيرات المنتظرة، ليتنا ننالها جميعا، بالنعمة ومحبة البشر التي للمسيح يسوع ربنا، الذي له المجد إلى الأبد آمين
لنحيا إذن لمجد الله، ونعمل الأمور التي ترضيه لكي نحسب مستحقين للخيرات المنتظرة، ليتنا ننالها جميعا، بالنعمة ومحبة البشر التي للمسيح يسوع ربنا، الذي له المجد إلى الأبد آمين