مقدمة في سفر الحكمة ++ القمص تادرس يعقوب
الحكمة والبصيرة
يقول الرواقيون أنه يوجد اختلاف بين الحكمة والبصيرة. يقولون: "الحكمة هي معرفة الأمور الإلهية والبشرية، وأما البصيرة فهي معرفة ما هو مائت وحده".
بحسب هذا التمييز ينطبق تعبير بولس "الحكمة" على ما هو غير منظور وما هو منظور، والبصيرة على ما هو منظور وحده ++ القديس جيروم
"المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم" (كو 2: 3)
كشف العهد الجديد عن الحكمة التي صارت لنا في المسيح يسوع، إذ هو نفسه حكمة الله، يهبنا ذاته.
هو نفسه يعطي الحكمة والمعرفة. الآن بقوله "كنوز" (كو 2: 3) يظهر عظمتها، بقوله "كل" يظهر أنه لا يجهل شيئًا، وبقوله "المخفية" يظهر أنه وحده يعرفها.
عجبًا! أية صداقة هذه؟! إذ يخبرنا بخفاياه، إذ يقول "بسرّ مشيئته"، لأن أحدًا يقول بأنه عرّفنا بالأشياء التي في قلبه. هنا حقًا السرّ المملوء حكمة وفطنة. فأية حكمة مثل هذه؟ الذين كانوا لا يساوون شيئًا رفعهم في لحظة إلي الغنى والفيض. أي تدبير حكيم هكذا؟! الذي كان عدوًا ومُبغضًا في لحظة ارتفع إلي العلا... هذا تم في الوقت المعين؛ إنه عمل الحكمة، تحقق بواسطة الصليب. ++ القديس يوحنا الذهبي الفم
إنه لا يخفي كنوز الحكمة والمعرفة لكي يحرمنا منها، وإنما لكي يثير اشتياقنا إلى ما هو مخفي.
نحترس، بوجه خاص، لئلا ونحن نجاهد في طلب للحكمة، التي هي كائنة في المسيح وحده المذخر فيه كل كنوز الحكمة والمعرفة - أقول نحترس لئلا باسم المسيح ذاته، يخدعنا الهراطقة أو أية أحزاب فاسدة الذهن ومُحبة لهذا العالم ++ القديس اغسطينوس
يجب أن يختفي الرب في أعماق نفوسنا لنقبل حقيقة الحكمة السماويَّة في داخلنا ++ القديس أمبروسيوس
صارت الأذهان الجديدة حكيمة بحكمة جديدة، جاءت هذه الأذهان إلى الوجود خلال العهد الجديد حيث نزعت الغباوة القديمة++ القدِّيس إكليمنضس السكندري
يا ربنا يسوع المسيح، حكّم عبيدك في تجارب الشياطين المردة. هب لهم معرفة حكمة ربوبيتك، ولتلبسهم قوتك المقدسة، بها يذلون ذخر الشياطين، ويقهرونهم بقوتك المقدسة في كل قتالهم معهم. آمين ++ الشيخ الروحاني (يوحنا الدّلياتي)
طوبى لهم حقًا، الذين في احتياجهم لابن الله، قد تجاوزوا الحاجة إليه كطبيب لشفاء أمراضهم، أو كراعٍ، أو كفادٍ، وصار احتياجهم إليه كحكمة ولوغوس، أو كأحد الألقاب الأخرى التي يقدمها لأولئك الذين لهم الفصح الروحي الذي يهيئهم لأسمى النعم.
"يشبِه ملكوت السماوات كنزًا مُخفى في حقل" (مت 13: 44)... الحقل كما يبدو لي حسب ما جاء هنا هو الكتاب المقدَّس الذي فيه زُرع ما هو ظاهر من كلمات من التاريخ والناموس والأنبياء وبقيَّة الأفكار؛ فإنها عظيمة ومتنوعة هي نباتات الكلمات التي في كل الكتاب! أمّا الكنز المُخفى في الحقل فهو الأفكار المختومة والمخفية وراء الأمور المنظورة، الحكمة المَخفية في سِرّ، المسيح "المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم" (1كو 2: 3).
يقول آخر أن الحقل هو مسيح الله الذي بالحقيقة مملوء. أمّا الكنز المُخفى فيه فهو ما قال عنه بولس إنها مخفية في المسيح: "المذخَّر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم"، الأمور السماويّة ++ العلامة أوريجينوس
لقد نزل كلمة الله من السماء، لكي يصير عريسًا للطبيعة الإنسانية، فأخذها مسكنًا له، لكي يخطبها ويقودها إليه فتلد ثمار الحكمة الروحية. ++ القديس كيرلس الكبير
من يؤمن حقًا يتحد تمامًا بذاك الذي فيه الحق واللاهوت والجوهر والحياة والحكمة، ويرى فيه كل هذه والتي ليست فيمن لا يؤمن. فإنه بدون ابن الله لا يكون لك وجود ولا اسم، ويصير القوي بلا قوة، والحكيم بلا حكمة. لأن المسيح هو "قوة الله وحكمة الله" (1كو24:1)، فإن من يظن أنه يرى الله الواحد بلا قوة ولا حق ولا حكمة ولا حياة ولا نور حقيقي إما أنه لا يرى شيئًا بالمرة أو بالتأكيد يرى ما هو شر.
عندما خلق الله كل الأشياء... لم يكن محتاجًا إلى أية مادة لكي يعمل، ولا إلى أدوات في إقامة الخليقة، لأن قوة الله وحكمته لا تحتاج إلى عونٍ خارجي. بل المسيح قوة الله وحكمة الله به كل الأشياء خُلقت، وبغيره لم يكن شيء مما كان كما يشهد يوحنا (يو 3:1) ++ القديس غريغوريوس أسقف نيصص