القمص أثناسيوس فهمي جورج ++ الأعمال الأخلاقية والنسكية عن الصلاة



من كتاب العلامة ترتليان من آباء أفريقيا
القمص أثناسيوس فهمي جورج ++ الأعمال الأخلاقية والنسكية
عن الصلاة ( Concerning Prayer ( De oratione

كتب ترتليان هذا العمل نحو عام 198: 200 م. إلى الموعوظين، ويستهله بشرحه كيف أنَّ العهد الجديد قدم لنا شكلاً للصلاة لم يكن موجوداً في العهد القديم أىّ الصلاة بالروح والحق، والصلاة في الخفاء، وضرورة إيمان الصلاة وثقتها بالله، وكل هذه السمات تظهر في الصلاة الربانية "أبانا الذي في السموات.." التي هى ملخص الإنجيل كله، ثم يقدم ترتليان شرحاً للصلاة الربانية، هو أقدم تفسير لها في تاريخ الكنيسة كله، إذ لم يسبقه أىّ تفسير آخر بأىّ لغة أخرى، ويضيف العلاَّمة عدداً من النصائح الثمينة العملية، فيُعلم أنَّه لا يمكن لأحد أنْ يشكر الله دون أنْ تكون له مصالحة مع أخيه وأنْ يكون متحرراً من الغضب واضطرابات الذهن، وهذا يتطلب قبل كل شيء نقاوة القلب، وليس مجرد غسيل الأيدى.

ويستنكر ترتليان الجلوس أثناء العبادة، فهو فعل خال من الوقار أمام عينىْ الله الحى.

وينصح بالعبادة بأيادى مرفوعة وصوت خفيض وحركات عفيفة متضعة، ويجب ألاَّ يحرم الإنسان نفسه من قبلة السلام لأنَّها ختم الصلاة، والاستثناء الوحيد هو يوم الجمعة الكبيرة.

ويخبرنا ترتليان أنَّه من المعتاد السجود في أيام الأصوام وفي صلوات باكر، ولكن يُمتنع عن السجود في أيام القيامة والخمسين المقدسة، أمَّا عن مكان الصلاة، فكل مكان مناسب لتمجيد الخالق، وليس هناك وقت معين، ولكن سيكون نافعاً جداً لنا إذا استطعنا أنْ نجمع أنفسنا في السواعى الهامة: الثالثة والسادسة والتاسعة، ويجب ألاَّ نستقبل ضيفاً أو نودعه دون أنْ نرفع أفكارنا معه إلى الله.

وفى الفصليْن الأخيريْن من الكتاب يمدح الصلاة كذبيحة روحية ويُمجد قوتها وفعاليته.

وإذا قارنا هذا العمل بكتاب العلاَّمة أوريجانوس السكندرى عن الصلاة، سنلحظ عدم وجود المفاهيم الفلسفية (بعكس أوريجين) واتجاه ترتليان العملى في الكتابة، إذ كان مهتماً بالتدريب الداخلى والخارجى في الصلاة، وكان يخاطب المسيحيين بصفة عامة وليس مجرد مجموعة معيَّنة، وترجع قيمة هذا العمل الثمين ليس فقط لعمق أفكاره، بل وأيضاً لكونه تعبير روحى عن المفهوم المسيحى الحقيقى للحياة.