اسمك طيب مسكوب.. لذلك أحبتك العذارى.


من تاملات  البابا شنودة الثالث .. سفر نشيد الاناشيد

اسمك طيب مسكوب.. لذلك أحبتك العذارى..
اجذبني وراءك فنجري (نش 5: 10)

إسم الرب:

من إعجاب الكنيسة بهذه العبارة تذكرها في رفع بخور عشية " طيب مسكوب هو أسمك القدوس. وفي كل مكان يقدمون بخورا لإسمك القدوس وصعيدة طاهرة".

اسم الرب له رائحة طيبة تنعش النفوس، وتنتشر في كل مكان كما ينتشر الطيب. لذلك أحبته العذاري.

اسم الرب اسم حلو، يفرح به اولاد الله لذلك نقول له في الإبصلمودية " إسمك حلو، مبارك في أفواه قديسيك".

ويقول له داود النبي في المزمور: " محبوب هو إسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي" (مز 119).

أي أنه من محبتي لاسمك، أظل أردده طوال اليوم..

تماما مثلما يحب إنسان شخصا ما، فيظل يتكلم عنه: ويردد اسمه في كل مناسبة، ويجد لذة في ترداد اسمه..

هذا الإسم يملأ عقله وفكره وحواسه، ولا يفارق شفتيه..

ومن حلاوة اسم الرب، نقول له " إسمك طيب مسكوب". ويقول الكتاب "اسم الرب برج حصين، يركض إليه الصديق ويتمتع" (أم 18: 10) يطلبه في كل ضيقة ويحتمي به.

اسم الرب يرعب الشياطين، ويعطي القديسين طمأنينة..

وهكذا نري داود النبي حينما وقف أمام جليات الجبار، قال له "أنت تأتيني بسيف ورمح، وأنا أتيك باسم رب الجنود" (1 صم 17: 45) مجرد دخول اسم الرب، قادر ان يهزم جليات.. وبنفس الوضع قال بطرس للرجل المقعد علي باب الهيكل "ليس لي ذهب ولا فضة. ولكن الذي معي إياك أعطيه. باسم يسوع المسيح قم وأمش" (أع 3: 6).. وباسم الرب قام ومشي، كما باسمه انتصر داود علي جليات.

أحبتك العذاري:
و عبارة (أحبتك العذاري) تدل علي ان الحب المذكور في سفر النشيد، هو حب إلهي وليس حبا بشريا وجنسيا.

الحب العالمي , الحب الجنسي، الحب الجسدي، تسوده الأنانية والرغبة والأمتلاك. لذلك إذا أحبت واحدة شخصا، قد تغار عليه جدا، فإن رأت فتاة أخري تحبه، تموت من الغيرة.. لكن في النشيد تقول له " أحبتك العذاري".. كلهم يحبونك.. نفرح ونبتهج بك.. " بالحق يحبونك" (نش 1: 4).

" بالحق يحبونك " أي كل الناس يحبونك. وأنا أفرح بهذا.

حقا إن النفس التي تحب الله، تود أن يحبه الجميع.

الإنسان الروحي يريد أن كل أحد يحب الله معه..

المرأة السامرية لما تعرفت علي المسيح، ذهبت تدعو الناس " تعالوا أنظروا إنسانا قال لي كل ما فعلت" (يو 4). وملأت المدينة حديثا عنه، وأحضرت الناس إليه.. وهكذا الرسل لما أحبوا المسيح، ملأوا المدينة كرازة باسمه.

وبولس الرسول لما عرف الرب، حاول بأسفار كثيرة، وبتعب اكثر من الجميع، أن يخلص عل كل حال قوما.. (1 كو 9: 22).

هؤلاء الخمس العذاري رمز لجميع المختارين، رجالا ونساء, بتوليين ومتزوجين.

في الكنيسة العذراء يوجد إبراهيم وإسحق ويعقوب، المتزوجون.

كانوا متزوجين , ولكن نفوسهم كانت عذراء.. لأنها لم تعط ذاتها لاخر، لا تحب شيا إلي جوار الله.

النفس العذراء تحب الله من كل القلب ومن كل الفكر..

لا يوجد أحد الي جوار الله ينافسه في قلبها، ولا توجد في داخلها محبة أخري تتعارض مع محبة الله.

لذلك فإن كلمة (عذراء) استخدمت مجارا في الشعر أيضا، فقال أحدهم عن أمانيه التي لم تخطر بقلب أحد أخر:

أمان عذاري لم يجلن بخاطر وبعض أماني القوم شمطاء ثيب

القلوب العذراي هي التي تفرغت لمحبة لله وحده..

وقد يسأل البعض: أليس كل إنسان يحب أباه وأمه وأولاده وأصدقاءه وتلاميذ، نقول أنها محبة داخل محبة الله لا تتعارض معها لا تنافسها ولا تنقصها..

أحبتك العذاري , لأنها أشتمت من أسمك رائحة الطيب..

كذلك نري أن أرواح القديسين رائحتها طيبة، قد تصعد روح إنسان فيمتلئ المكان برائحة بخور، فيشعر الناس بأنها روح طاهرة.. كذلك صلوات القديسين تصعد كرائحة بخور إلي الرب. والمحرقات أيضا كانت رائحة سرور للرب.. كطيب مسكوب..

فإذا كانت المحرقات رائحة سرور، فكم يكون الرب نفسه..

إن العروس عندما تزف إلي عريسها يضمخونها بالعطور، كعروس مهيئة لعريسها (رؤ 21: 2)، وفي سفر أستير نسمع ان الملكة كانت تضمخ بالطيب والعطور مدة سنة كاملة قبل أن يقدموها للملك (إس 2: 12).