عن الانبا انطونيوس

أراد جماعة من الفلاسفة أن يلتقوا بالشيخ أنطونيوس ويتعرفون عليه، وحسبوه كفيلسوف يعيش في البرية فيعزله يحمل وجهه علامات الجدية بدون بشاشة، وأنهم يرون رجلًا كهلًا ضعيف البنية، تتسم ملامح وجهه بالحزم الشديد والجدية بلا ابتسامة كعادة الفلاسفة، خاصة وأنه يسكن في البرية الموحشة لعشرات السنوات. فوجئوا به إنسانًا يحمل روح الشباب، بشوشًا متهللًا في أعماقه، قوي البنية. سألوه عن سبب فرحه هذا وهو يعيش في مغارة
مجردة من كل شيءٍ حتى من الكتب ليتعزى بها، ولا يوجد حتى دواء أو طبيب حوله. أجابهم أنه لا يعيش في عزلة، بل يسكن معه السيد المسيح مسيحه الذي يملأ كل جوانب حياته فرحا وتعزية، يشبع كل احتياجاته. هكذا كان متهللًا بالمسيح يسوع، قلبه متسعًا بالحب لله والناس.

كان لبشاشة وجه القديس أنبا أنطونيوس وهو في ساحة الصراع مع عدو الخير أثرها العجيب على تلميذه القديس أثناسيوس، إذ كتب عن معلمه:
 كانت نفسه متحررة من كل اضطراب. وكان مظهره الخارجي هادئًا.

من فرح نفسه كان يحمل ملامح متهللة، ومن حركات جسمه يمكن إدراك حال نفسه. كما هو مكتوب: "القلب الفرحان يجعل الوجه طلقًا، وبحزن القلب تنسحق الملامح" (أم 13:15).

كان أنطونيوس هذا معروفًا، فإنه لم يضطرب قط، إذ كانت نفسه في سلامٍ ولم يتحطم قط، لأن عقله كان فرحًا.


انعكس ذلك على شخصية تلميذه البابا أثناسيوس الرسولي، فنراه في وسط ضيقاته لا يكتب عن منفاه ولا عن القبر الذي اختفي فيه، ولا عن حرمانه من التقائه بشعبه بالإسكندرية، إنما سجل لنا وسط آلامه عن نظرته لحياته كعيدٍ دائمٍ. يقول إن عيدنا هو المسيح.

أينما وُجد، حتى إن كان مختفيًا في مقبرة، يكون كمن يحتفل بعيدٍ سماويٍ لا ينقطع، حيث يتجلى شخص المسيح القائم من الأموات في أعماقه.
 بروح الفرح الدائم لا يتوقف عن ممارسة عمل المسيح، جاذبًا بصلواته ورسائله الكثيرين ليشاركوه احتفاله الدائم بالعيد