تاملات ...ابونا القمص تادرس يعقوب
رساله يعقوب 3
خطورة اللسان
رساله يعقوب 3
خطورة اللسان
"إن كان أحد لا يَعْثُر في الكلام،
فذاك رجل كامل، قادر أن يُلْجِم كل الجسد أيضًا"
يقول القديس يوحنا الدرجي:
الثرثرة هي عرش الغرور، ومن هذا العرش تظهر محبة إبراز الذات والمباهاة والافتخار.
الثرثرة إشارة إلى الجهل، وباب الاغتياب، وموصل إلى الهزل والضحك، وخادم للكذب والرياء.
هي دليل النوم وتشتيت الذاكرة، تُزِيل اليقظة وتبرد الحرارة وتفتر الصلاة.
وقد ضرب الرسول أمثلة على خطورة اللسان فقال:
أ. "هوذا الخيل تضع اللُّجُم في أفواهها لكي تطاوعنا فندير جسمها كله"
اللجم لا تدير الرأس كله فحسب بل الجسم كله، أي السلوك كله. إذًا فلنقل للرب: "احْفَظْ لفمي كِمامةً فيما الشر مُقابلي" (مز ٣٩:1) حتى لا يركض جسدنا كالخيل ويُطَوّح بالنفس البشرية على الأرض محطمة.
ب."هوذا السفن أيضًا وهي عظيمة بهذا المقدار وتسوقها رياح عاصفة تديرها دفة صغيرة جدًا إلى حيثما شاء قصد المدير. هكذا اللسان أيضًا هو عضو صغير ويفتخر متعظمًا".
السفن مع ضخامتها يديرها الربان بدفة صغيرة، ومتى أساء الربان استخدامها يفقد السفينة وكلما عليها. فقد أساء نبوخذ نَصَّر الدفة، أي لسانه ونطق متعظمًا: "هذه بابل العظيمة التي بنيتها... بقوة اقتداري ولجلال مجدي" (دا ٤: 30)، فذاق المر سنينًا! وهيرودس بسبب الدفة الصغيرة ضربه ملاك الرب لأنه لم يعط المجد لله وصار الدود يأكله، إذ صرخ الشعب قائلًا: "هذا صوت إله لا صوت إنسان" (أع ١٢:22). وبطرس من أجل كلمة بكى بمرارة.
ج. "هوذا نار قليلة، أي وقود تحرق. فاللسان نار عَالَمُ الإثم. هكذا جعل في أعضائنا اللسان الذي يدنس الجسم كله ويُضْرِم دائرة الكون ويُضْرَم من جهنم".
شرارة بسيطة كفيلة بحرق غابة ضخمة، لهذا "لا تدع فمك يجعل جسدك يخطيء" (جا ٥: ٦). فاللسان هو الشرارة التي تُضْرَم من جهنم لكي تُضْرِم الجسم كله، فيفقد الإنسان قدرته على الصلاة ويسبب انشقاقات ويثير الحقد، ويخسر سلام الإنسان الداخلي والخارجي. هذا كله بسبب اللسان أُضْرم من إبليس.
ويقال أن "جهنم" هنا تعني مكانًا كان اليهود يلقون فيه الحيوانات الميتة والقاذورات لحرقها، وكانت النيران لا تنطفئ ليلًا أو نهارًا.