حبيبي ليَّ، وأنا له +++ الأنبا يوأنس اسقف الغربية المتنيح




من تأملات سفر نشيد الأنشاد +++ الأنبا يوأنس اسقف الغربية المتنيح

حبيبي ليَّ، وأنا له

"حبيبى لى وأنا له الراعى بين السوسن. إلى أن يفيح النهار وتنهزم الظلال أرجع وأشبه يا حبيبى الظبي أو غفر الأيائل على الجبال المشبعة"(2: 16, 17).


بالتجسد الإلهى نزل ابن الله الكلمة إلى النفس البشرية ليخطبها لذاته.. وبقيامته المقدسة دعاها للقيام معه وبه وبلا خوف من سلطان الخطية, لكنه طلب إليها أن تحذر الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم.. استجابت العروس لدعوة العريس "قومى.. وتعالى"، وهكذا دخلت وليمة عرس الصليب والقيامة لتنعم بالاتحاد معه، فأخذت تناجيه قائلة "حبيبى لى وأنا له".

فى الكنيسة القبطية يسمى سر الزواج "عقد إملاك وزواج". أما السبب، فلأن في هذا السر يقدم كل منهما نفسه ليصير ملكًا للأخر كقول الرسول "ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل، وكذلك الرجل أيضًا ليس له تسلط على جسده بل للمرأة" (1كو 7: 4). ومن هنا فلا يطلب أحدهما ما لنفسه بل ما هو للأخر، متخليًا عن الكثير من رغباته من أجل الطرف الآخر. وفى نفس الوقت يقدم كلا منهما ما يملك للأخر.

هذا السر تراه النفس البشرية والكنيسة في أكمل صورة على الصليب حيث قدم الرب دمه مهرًا لها ليدخل كلا منهما في ملكية الآخر.. وهكذا تقول العروس "حبيبى لى وأنا له"..

رأته على الصليب معلقًا فأدركت بحق مفهوم العرس السماوى، فقد اشتراها بحبه الكامل، وقدم حياته فدية لحياتها. لهذا فهى أيضًا تلتزم بتقديم حياتها له بفرح حتى أنها في الحياة الأبدية في السماء تتغنى وتقول "لأنك ذبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة" (رؤ 5: 9) .

ة هي الحقيقة يعلنها الرسل فيقول بطرس "عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة وبذهب.. بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح"(1بط1:18،19). ويقول بولس "قد اشتريتم بثمن فلا تصيروا عبيدًا للناس إنكم لستم لأنفسكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفى أرواحكم التي هي لله" (1كو 7: 23 ؛6: 19،20).. ويؤكد على هذه الحقيقة يوحنا في سفر الرؤيا على نحو ما أعلنت له "هؤلاء هم الذين يتبعون الخروف حيثما ذهب، هؤلاء اشتروا من بين الناس باكورة لله وللخروف"(رؤ 14: 4).

"
حبيبى لى وأنا له"

اختبر القديس أغسطينوس هذة الحياة فيقول في مناجاته لله:

"
إلهى. إننى إذ أتأمل ضميرى، أراك ناظرًا نحوى دائمًا، ومنتبها إلى نهارًا وليلًا بجهد عظيم ، حتى كأنه لا يوجد في السماء ولا على الأرض خليقة غيرى. تسهر على وكأنك قد نسيت الخليقة كلها! تهبنى عطاياك، كأنى وحدى موضوع حبك!" ويقول أيضا.. "أتوسل إليك أخبرنى أين أنت؟! أشتهى الموت لكى أراك. إننى لا أريد العيش بعد لكى أحيا بك. امتلكنى بكليتى فألتصق بك تماما"!!